كتبت: فاطمة بدوى
قالت فريدة كوربانزودا، زميلة باحثة، قسم رابطة الدول المستقلة فى معهد دراسة الدول الآسيوية والأوروبية فى الأكاديمية الوطنية للعلوم في طاجيكستان
فى مقالة لها بمناسبة العيد الوطنى لطاجيكستان:
لا يُعدّ استقلال كل دولة رمزًا للحرية فحسب، بل هو أيضًا الأساس الرئيسي للتنمية والنمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي. حصلت جمهورية طاجيكستان على استقلالها في 9 سبتمبر 1991، وبهذا الحدث، فُتحت صفحة جديدة في التاريخ الوطني.
إن استقلال الدولة، باعتباره أعظم إنجاز تاريخي للأمة الطاجيكية، مهد الطريق لتشكيل الدولة الحديثة، وتعزيز الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
إن طاجيكستان اليوم، كدولة مستقلة، تتقدم على طريق مستقر من الديمقراطية والعلمانية.
في الوقت نفسه، تُنفَّذ تدريجيًا خططٌ حكوميةٌ هامةٌ لمعالجة القضايا الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة الشعب. وتُتَّخذ تدابيرٌ فعَّالةٌ لتطوير نظامي التعليم والرعاية الصحية، ودعم الشباب، وحماية الأسرة كأساسٍ للمجتمع.
كما أولى رئيس الدولة اهتمامًا خاصًا لتنمية الثقافة والروحانية خلال سنوات الاستقلال. ويلعب الاحتفال بالأعياد التاريخية، بما في ذلك الذكرى الـ 1100 لتأسيس الدولة السامانية، وإحياء الأعياد الوطنية، وخاصةً أعياد النوروز والسادة والمهرغون والترغون، وغيرها، دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الوطني والذات، وإبراز طاجيكستان على الساحة الدولية.
كان إنعاش الاقتصاد وتطويره من أصعب المهام التي واجهتها دولة طاجيكستان وحكومتها في السنوات الأولى للاستقلال، إذ كانت سنوات الاستقلال الأولى بالغة الصعوبة على البلاد.
ومع ذلك، مع مرور الوقت، وبفضل جهود قيادة الدولة وإرادة الشعب الطاجيكي، تمكنت طاجيكستان من التغلب على هذه الأزمات وخلق قاعدة مستقرة للتنمية الاقتصادية.
بعد عام ١٩٩٧، بدأت الإصلاحات الاقتصادية في طاجيكستان. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اعتُمدت مجموعة من البرامج والاستراتيجيات، كان هدفها الرئيسي استعادة الاقتصاد الوطني وتعزيزه. ودخلت طاجيكستان تدريجيًا اقتصاد السوق، وتوسّعت عملية خصخصة الشركات. ولضمان مزيد من التنمية، جرى تحسين التشريعات الاقتصادية وإرساء أسس متينة لريادة الأعمال.
بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ عدد من التدابير الهامة لإنشاء نظام مصرفي حديث، واستقرار قيمة العملة الوطنية، والسيطرة على التضخم، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
خلال تلك السنوات، ولتنظيم التنمية الاقتصادية على نحو سليم، وُضعت واعتمدت الوثائق اللازمة، مما ساهم في تطوير الاقتصاد القيرغيزي. واعتُمدت استراتيجيات وطنية للتنمية على المديين المتوسط والطويل، بما في ذلك “استراتيجية التنمية الوطنية حتى عام ٢٠١٥” و”استراتيجية التنمية الوطنية حتى عام ٢٠٣٠”، اللتان حددتا الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية. وأولي اهتمام خاص للقطاع الزراعي لضمان الأمن الغذائي وتحسين مستوى معيشة الشعب.
تجدر الإشارة إلى أن الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية في طاجيكستان، إذ يعيش غالبية السكان في المناطق الريفية. وقد ساهم الإصلاح الزراعي، وإدخال أساليب زراعية جديدة، وتحسين تقنيات الري، وتطوير زراعة القطن في تطوير هذا القطاع. واليوم، أصبحت طاجيكستان من الدول المصدرة للمنتجات الزراعية، بما في ذلك القطن والفواكه.
في زمن استقلال الدولة، حدد زعيم الأمة الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للبلاد واتخذ جميع التدابير لتنفيذها.
إدراكًا للدور الرئيسي الذي يلعبه قطاع النقل في التنمية الاقتصادية، جعل زعيم الأمة التغلب على الجمود في الاتصالات إحدى أهم المهام الاستراتيجية للدولة.
وهكذا، خلال العقود الثلاثة من الاستقلال، شُيّدت مئات الكيلومترات من الطرق الجديدة، وشُغّلت عشرات الأنفاق والجسور. وربطت طاجيكستان بشبكة النقل الإقليمية مرافق هامة، مثل أنفاق استقلال وشهريستون وخاتلون، وغيرها من الطرق الدولية.
من الأهداف الاستراتيجية الأخرى للدولة قطاع الطاقة. ونظرًا لامتلاك طاجيكستان موارد ضخمة من الطاقة الكهرومائية وإمكانات واسعة لإنتاج الكهرباء، فقد شُيّدت العديد من محطات الطاقة الكهرومائية خلال فترة الاستقلال، بما في ذلك سانغتودا-1، وسانغتودا-2، وبامير-1، والمراحل الأولى من محطة روغون الكهرومائية. كما تم تحديث محطات أخرى للطاقة الكهرومائية. واليوم، لا تقتصر طاجيكستان على تلبية احتياجاتها المحلية فحسب، بل تُصدّر أيضًا الكهرباء إلى الدول المجاورة.
مع الأخذ بعين الاعتبار النمو السريع للاقتصاد العالمي واحتياجات البلاد، حدد رئيس الدولة التصنيع السريع للبلاد كهدف استراتيجي، وفي هذا السياق، خلق الظروف المواتية لحل هذه المهمة الهامة.
تجدر الإشارة إلى أنه في السنوات الأولى للاستقلال، كانت الصناعة شبه خاملة. ومع ذلك، وبفضل تطبيق سياسة التصنيع السريع، شهدت طاجيكستان نموًا اقتصاديًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. واليوم، قطعت طاجيكستان شوطًا كبيرًا في إنتاج الألمنيوم والأسمنت ومعالجة المعادن والمنتجات الزراعية.
بهدف تطوير اقتصاد طاجيكستان بشكل شامل، تُتخذ وتُنفَّذ العديد من التدابير الحديثة. وعلى وجه الخصوص، أدى تطور السوق المحلية، وتشكيل الأسواق الحرة، ونمو الشركات الخاصة، والعلاقات التجارية مع الدول الأخرى إلى ربط اقتصاد طاجيكستان بالسوق العالمية. واليوم، أصبح قطاعا الخدمات والسياحة من القطاعات الاقتصادية المهمة.
بشكل عام، حققت طاجيكستان منذ الاستقلال، بفضل تطبيق السياسة الرشيدة لقائد الأمة، إنجازات اقتصادية عظيمة. ومن أهمها نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بمعدل 6-7%، وانخفاض معدل الفقر من 83% في التسعينيات إلى حوالي 25-27% في السنوات الأخيرة، وبناء مئات المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الاجتماعية، وتطوير شبكة الطاقة، وتحويل طاجيكستان إلى دولة مصدرة للكهرباء، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
كما تم تنفيذ السياسة الخارجية لطاجيكستان بشكل فعال في اتجاه تعزيز التعاون الاقتصادي.
أقامت طاجيكستان علاقات اقتصادية مثمرة مع عشرات الدول الأجنبية. ونُفِّذت مشاريع بنية تحتية ضخمة باستثمارات أجنبية. وطاجيكستان عضو في منظمات اقتصادية مهمة، منها رابطة الدول المستقلة، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها. وقد مكّن هذا التعاون البلاد من دخول السوق العالمية وتطوير اقتصادها وفقًا للمعايير الدولية.
بفضل استقلال الدولة وتطبيق سياسات رشيدة، تمكنت طاجيكستان من تطوير اقتصادها الوطني بما يتماشى مع مصالحها الوطنية ويراعي الظروف العالمية. ورغم التحديات العديدة، تمكنت البلاد من استعادة اقتصادها، وتحسين مستوى معيشة شعبها، والاندماج في المجتمع الدولي.
إن الإنجازات الاقتصادية التي تحققت خلال فترة الاستقلال خير دليل على السياسة الثاقبة والجهود الدؤوبة لقائد الأمة العظيم وشعبها المجيد. وفي ظل ظروف العالم المعاصر المليئة بالتهديدات والمنافسة الشرسة، تستطيع طاجيكستان، بالاعتماد على مواردها المحلية والتعاون الدولي والسياسات الحكيمة، تعزيز مستقبلها الاقتصادي.
تُظهر هذه الإنجازات أن مساهمة قائد الأمة في تعزيز استقلال طاجيكستان وتنميتها الاقتصادية بالغة الأهمية. وبفضل جهود رئيس الدولة، خرجت طاجيكستان من هاوية الحرب وأصبحت دولة مستقلة ومتقدمة.
إن السياسة الحكيمة لزعيم الأمة – صنع السلام وتوحيد الجهود وبناء الدولة – هي العامل الرئيسي في الحفاظ على استقلال الدولة والتنمية والازدهار في طاجيكستان.