"أطفال يقرأون الهيروغليفية: كاتبة مصرية تُطلق أول كتاب لتعليم رموز الأجداد للصغار"

حوار: علياء الهوارى
في زمنٍ تتزايد فيه محاولات تشويه الهوية الحضارية لمصر، خاصة من جماعات مثل “الأفروسنتريك”، تقف كاتبة مصرية شابة لتُعيد للأطفال رابطهم الأول بلغتهم الأم القديمة، الهيروغليفية. مشروعها الطموح لا يكتفي بتقديم رموز وأشكال، بل يسعى لترسيخ الفخر والانتماء لدى الأطفال من خلال التعرف على حضارة أجدادهم بطريقة مبسطة وجذّابة. في هذا الحوار، نقترب أكثر من تفاصيل تجربتها، دوافعها، وأحلامها.
ما الذي دفعك لاستخدام اللغة الهيروغليفية في كتب موجهة للأطفال؟
رغبتي في أن يعرف الأطفال لغة أجدادهم العظماء، وأن يتعلموا كيفية فك رموز الخط الهيروغليفي وقراءة النصوص المنقوشة على جدران المعابد. إنها خطوة أولى لفهم الحضارة المصرية القديمة من جذورها.
وما الرسالة الأساسية التي تحاولين إيصالها لهم؟
أريدهم أن يكتشفوا عظمة حضارتهم، ويزداد وعيهم بمَن يحاول طمسها أو سرقتها، تحديدًا جماعة “الأفروسنتريك” التي تسعى لتزوير التاريخ ونسب الحضارة لغير أهلها.
كيف ترين تأثير تعريف الأطفال بالهيروغليفية على هويتهم؟
رأيت في عيونهم حماسًا غير عادي! مجرد معرفة أن هناك كتابًا سيُعلمهم لغة الفراعنة جعلهم متحمسين جدًا، وهذا الحماس أكبر دليل على أن الطفل المصري لديه شغف فطري بجذوره.
اللغة الهيروغليفية معقّدة، فكيف توفقين بينها وبين بساطة الأسلوب المطلوب للأطفال؟
أعتمد على تحويل الرموز إلى أشكال مرئية تجذب الطفل بصريًا، وأُدرج تمارين مبسطة بعد كل جزء ليتفاعل معها بطريقة ممتعة وسهلة.
هل تعتمدين في الكتاب على القصص والأساطير؟
الكتاب ليس قصصيًا، بل هو تعليمي بحت، يحتوي على علامات، أعداد، كلمات، وتمارين تطبيقية فقط، وهو مناسب كبداية منهجية لأي طفل أو مبتدئ.
كيف تختارين المفردات والرموز التي تقدمينها؟
أنتقي كلمات من البيئة المحيطة بالطفل حتى يكون المحتوى مألوفًا له، مما يسهل عليه الفهم والحفظ.
وهل وجدت تفاعلًا من الأطفال حتى قبل صدور الكتاب؟
نعم، رغم أن الكتاب لم يصدر بعد، فإن ردود فعل الأطفال الذين سمعوا عنه كانت مذهلة. أبدوا حماسًا لرؤيته وتعلم ما فيه.
هل تستخدمين وسائل بصرية أو أنشطة تفاعلية لتسهيل التعلم؟
بالطبع، فأنا أؤمن أن التعلّم في هذه المرحلة يجب أن يكون تفاعليًا وممتعًا، لذا صممت تمارين وألعابًا بسيطة داخل الكتاب لتشجيع الطفل على التفاعل.
هل تستهدفين فئة عمرية محددة؟
الكتاب موجه للأطفال من سن 6 إلى 12 سنة (المرحلة الابتدائية)، لكنه مناسب أيضًا للمبتدئين من أعمار مختلفة يرغبون في تعلم الهيروغليفية بطريقة مبسطة.
ما التحدي الأكبر الذي واجهك أثناء إعداد هذا المشروع؟
كان التحدي الحقيقي هو: كيف أقنع طفلًا بأنه يستطيع تعلم الهيروغليفي! لكنني تغلبت على هذا بإظهار الرموز كأشكال مرحة ومحببة.
هل تستعينين بمتخصصين في علم المصريات أو التعليم؟
لم أتعاون معهم بشكل مباشر أثناء الكتابة، لكن حرصت على مراجعة المحتوى بدقة من قبل دكاترة متخصصين في اللغة الهيروغليفية للتأكد من صحته.
وما خطتك المستقبلية لهذا المشروع؟
أعمل الآن على تنفيذ المستوى الثاني للكتاب، استكمالًا للمستوى الأول، وسأستمر في تطوير هذه السلسلة لتصبح منهجًا متكاملًا للأطفال المصريين.
مشروعها لا يُعلّم الأطفال رموزًا فقط، بل يبني جسورًا من الوعي والانتماء. من خلال الهيروغليفية، تعيد أطفال مصر إلى هويتهم الأصلية، وتضع بين أيديهم مفتاحًا لفهم حضارة لم تفقد بريقها يومًا. في زمن الهويات المهددة، تأتي هذه المبادرة كصيحة أمل تؤكد أن الطريق إلى المستقبل يبدأ من الجذور.