مجموعة الأزمات الدولية: أزمة أونروا المالية ستكون تداعياتها كارثية على اللاجئين
كتبت : علياء الهوارى
نشرت مجموعة الأزمات الدولية (منظمة غير ربحية أو حكومية)، تقريرًا حول الأزمة المالية التي تمر بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.فإن “أموال وكالة أونروا التي تخدِّم نحو ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني – مرة أخرى – تقترب من النفاد، حيث تبدو الأزمة الراهنة في موازنة الوكالة مثيرة للقلق على نحو خاص”.وقالت المجموعة: إن “الأمر الذي يعكس تراجع تمويل العمليات الإنسانية للأمم المتحدة بصورة عامة والإجهاد الذي أصاب المانحين بسبب تضاؤل آفاق التوصل إلى تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني”.وأشارت إلى أن “تقليص خدمات أونروا على نحو كبير، أو انهيار الوكالة، سيحرم ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى المساعدات الغذائية”.وأضافت: “يمكن أن يتبع ذلك اضطرابات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وقد تتلوها الأردن ولبنان، ولا سيما إذا تصوَّر الفلسطينيون أن تقليص الخدمات يُعدُّ مؤشراً على فقدانهم لمكانتهم كلاجئين”.ورأت المجموعة الدولية، أن “أونروا تحتاج إلى التزامات بتمويل متعدد السنوات. وينبغي على مزيج من المانحين التقليديين والجدد – بما في ذلك الصين ودول الخليج الغنية – أن يوفرها”.وزادت: “بالنظر إلى احتمال حدوث أزمة تزعزع الاستقرار، يتعين على المانحين الإدراك أن تنظيف الفوضى التي سيحدثها انهيار الوكالة الأممية سيكون أكثر كلفة بكثير من ردم الفجوة المالية”.وأكملت: “بعد نحو خمسة وسبعين عاماً من تأسيس دولة إسرائيل وما تبعه من حرب عربية–إسرائيلية أحدثت أزمة لاجئين كبرى، ما يزال نحو ثلاثة ملايين فلسطيني يعتمدون على الأمم المتحدة في غذائهم، وتعليمهم، وصحتهم وخدماتهم الاجتماعية، إضافة إلى الوظائف في هذه القطاعات”.وأردفت: “لكن في عالم متغير يعاني من التبعات الاقتصادية لجائحة كوفيد–19 والحرب الروسية في أوكرانيا، تجد الأمم المتحدة صعوبة متزايدة في إقناع الحكومات الأعضاء بتمويل عملياتها الإنسانية. تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي تأسست في عام 1949 لرعاية اللاجئين الفلسطينيين، تحدياً من نوع خاص”.ولفتت إلى تفاقم الصعوبات المالية الدائمة للوكالة، التي تبلغ موازنتها السنوية 1.6 مليار دولار بسبب الإجهاد الذي يشعر به المانحون وشعور متزايد بأن التسوية اللازمة لإنهاء الأزمة الإسرائيلية–الفلسطينية قد لا تتحقق.ووصفت انهيار أونروا بالمدمر، سواء لملايين اللاجئين الذين سيحرمون فجأة من الوظائف والخدمات، أو للدول الهشة التي تستضيفهم. ويعد توفر تمويل متعدد السنوات، مضمون وكافٍ، ومستدام من المانحين التقليديين والجدد الذين لهم مصالح إقليمية، أفضل طريقة لتفادي الكارثة التي تلوح في الأفق”.وقالت: إن “قيادة أونروا دقت ناقوس الخطر على نحو متكرر على مدى الشهور القليلة الماضية من الوضع المالي الخطير للوكالة، محذرة من أنها قد يتعين عليها وقف عملياتها في موعد قريب، قد يكون أيلول/سبتمبر، وناشدت المانحين الدوليين تقديم 200 مليون دولار على شكل تمويل إضافي لتلبية احتياجات موازنتها”.وبيّنت المجموعة الدولية، أن “الاستجابة كانت متباينة؛ فقد رددت بعض الحكومات المخاوف نفسها بشأن العجز؛ في حين كررت دول أخرى العبارة غير المفيدة بأن الوكالة تعاني من العجز نفسه كل سنة وتتمكن في النهاية من تدبر أمرها”.وتابعت: “قد يكونون محقين بالنسبة لعام 2023، لكن بحلول منتصف أيلول/سبتمبر، لم تكن الوكالة قد تمكنت بعد من ردم الفجوة. لكن حتى لو فعلت ذلك في ربع الساعة الأخير، فإن المشكلة تتجاوز دورة التمويل الراهنة”.واستطردت: “حتى لو أُنقذَت الوكالة في اللحظة الأخيرة، كما حدث من قبل ويمكن حدوثه من جديد في عام 2023، فإن الوضع الدائم للأزمة أمر غير مقبول”.وأكدت المجموعة، على أن “الأزمة المالية تقوض معنويات الموظفين، وتدفع إلى إضرابات تتعلق بالرواتب ويحوِّل وكالة دولية ذات سجل تفخر به في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين إلى متسوِّل بائس يبحث عن الصدقات”.ورأت أن “من غير الكفاءة إدارة ما يرقى إلى دولة رفاه لثلاثة ملايين شخص بموازنة تقشفية، بالنظر إلى أن ذلك سيمنع الاستثمار في البنية التحتية، والرقمنة وغير ذلك من نفقات التحديث، الأمر الذي سيلحق ضرراً كبيراً بجودة الخدمات”.واعتبر أن “الأسوأ من ذلك، كما يخشى الفلسطينيون – مصيبين كانوا أم غير مصيبين – من أن نهاية مكانتهم كلاجئين نتيجة انهيار الأونروا، أو حتى نتيجة تقليص حاد في الخدمات، من شأنه أن يُحدث موجة جديدة من الاضطرابات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل ويزعزع استقرار الأردن ولبنان، خاصة وأن الحكومتان الأردنية واللبنانية، على نحو خاص، حريصتان على بقاء وازدهار الوكالة، بالنظر إلى أنهما لا تريان احتمالاً في الأفق للتوصل إلى تسوية دائمة قائمة على وجود دولتين للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني.وتابعت: “الحكومتان تُدركان أن الضغوط ستتزايد عليهما، بصفتهما حكومتان مضيفتان، للاضطلاع بتحمل الأعباء المالية والسياسية لرعاية اللاجئين في بلديهما، كما أن الإسرائيليون، الذين ينزعون إلى رفض فكرة أن اللاجئين الفلسطينيين لهم الحق بالعودة إلى وطنهم الأصلي (إسرائيل اليوم)، لأنهم يرون أنه يعرِّض وجود دولة إسرائيل للخطر، منقسمون في مقاربتهم للأونروا. ففي حين يعارضها البعض بقوة، ويرى فيها أداة للمحافظة على قضية اللاجئين على الأجندة السياسية، يرى آخرون مزيّات معينة في أثرها الذي يحقق الاستقرار الذي توفره خدماتها”.وبحسب المجموعة، فإنه “بالنظر إلى أن مستقبل الأونروا، التي ستحتفل بعيد ميلادها الخامس والسبعين العام القادم، على المحك، تُطرَح مقترحات مختلفة بشأن كيفية جعلها مستدامة، وتنظر الأفكار المتداولة في كيفية جعل عملياتها أكثر كفاءة من حيث التكلفة، والانتقال تدريجياً من المساهمات الطوعية إلى التمويل من الموازنة العامة للأمم المتحدة، أو نقل جزء من العبء المالي إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى، أو حتى إلى الحكومات المضيفة”.إلا أن المقترحات لا تحظى بقبول كبير ولا بفرصة تبنيه، ناهيك عن تنفيذه، على الأقل ليس على المدى القصير. الأونروا نفسها تأمل بإطلاق نقاش بين المانحين لاستكشاف تحرك نحو نموذج لتقديم الخدمات يقطع الصلة بين خدماتها وفكرة حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.ورأت أن الحل العملي الوحيد للضائقة المالية الصعبة التي تعاني منها وكالة يبقى وجودها لا غنى عنه – بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، والمنطقة والعالم – متمثل في تمويل متعدد السنوات، مستدام وقابل للتنبؤ، بما في ذلك من مانحين جدد، إضافة إلى ضخ أموال على نحو عاجل على المدى القصير في عام 2023.فيما تعد دول الخليج الغنية، بمصالحها الإقليمية الواضحة، والصين، التي تسعى إلى تحويل ثقلها الاقتصادي في الشرق الأوسط إلى نفوذ سياسي، من بين أفضل المرشحين. لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الأمم المتحدة ستنجح في إقناع هذه الدول وغيرها بالاضطلاع بالمهمة.وحول كيفية تأمينها لدعم مستقر من قبل المانحين في بيئة دولية باتت على نحو متزايد أقل تقبلاً لعمليات الأمم المتحدة الإنسانية وغيرها من المبادرات متعددة الأطراف.ومع تلاشي احتمال التوصل إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، فيبقى سؤالاً مفتوحاً، ويكمن جزء من الجواب في دفع المانحين الذين يفتقرون أيضاً إلى الأموال إلى التفكير بتكاليف السماح بفشل الأونروا، إذا فعلوا ذلك، سيجدون أن دفع مبلغ 1.6 مليار دولار سنوياً قد يبدو بالتأكيد صفقة جيدة