ميزانية 2023 بسلطنة عمان تمضي وفق المستهدف.. وبعض المؤشرات تتخطى التوقعات
كتبت: فاطمة بدوى
تستهدف سلطنة عمان رفع إيراداتها غير النفطية إلى 3.3 مليار ريال هذا العام.. والحصيلة المتحققة خلال النصف الأول نحو 57% من المستهدف بأكمله -انخفاض خدمة الدين إلى نحو 498 مليون ريال مقارنة بـ521 مليونا خلال النصف الأول من العام الماضيمنذ تعافي النفط تبنّت سلطنة عمان توجها ناجحا نحو استغلال العوائد الإضافية في سداد الدين واستبدال القروض بهدف خفض الأعباءتكثيف الجهود نحو الاستدامة الاقتصادية وتعزيز أنشطة القطاع الخاص وجذب الاستثماراتبدأت سلطنة عمان عامها المالي الجاري في ظل وضع مريح نسبيا نظرا للمستويات السعرية الجيدة للنفط والانخفاض الكبير في الاحتياج لتمويل الميزانية، ورغم التوقعات بأن أسعار النفط ستكون مواتية هذا العام، واصلت سلطنة عمان التزامها بالإطار المالي للخطة الخمسية العاشرة، وتحوطا لأي تقلبات في أسعار النفط بُنِيت تقديرات الميزانية على افتراض سعر مبدئي للنفط عند 55 دولارا للبرميل، وقدّرت الميزانية أن يصل العجز المالي إلى 1.3 مليار ريال عماني ويشكّل نسبة 11 بالمائة من إجمالي الإيرادات ونسبة 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.ومع إعلان نتائج الأداء للميزانية العامة حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، تتوافق غالبية مؤشرات الأداء المعلنة مع المستهدفات الواردة في بيان الميزانية العامة في بداية العام، فيما يتخطى بعضها التوقعات خاصة في جانب متوسط أسعار النفط الفعلية والفائض المالي المتحقق وكذلك الإيرادات سواء النفطية أو الجارية، وقد ساهم ارتفاع العائدات في انتقال الميزانية من العجز المتوقع إلى الفائض الفعلي خلال النصف الأول من العام.وسجّل سعر النفط الفعلي 83 دولارا للبرميل خلال النصف الأول من العام، وبلغت الإيرادات العامة 6.3 مليار ريال عماني، تتضمن 3.2 مليار ريال عماني من إيرادات النفط و1.1 مليار ريال عماني من إيرادات الغاز، وارتفعت الإيرادات الجارية إلى نحو 1.9 مليار ريال عماني وهو ما يمثل زيادة بنسبة 9 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي حيث تم تحصيل 1.7 مليار ريال عماني.وبينما تستهدف سلطنة عمان رفع إيراداتها من المصادر غير النفطية إلى نحو 3.3 مليار ريال عماني هذا العام، تمثل حصيلة الإيرادات غير النفطية المتحققة فعليا خلال النصف الأول نحو 57 بالمائة من المستهدف لهذا العام بأكمله، وهو تقدُّم جيد في إطار جهود تنويع الدخل ورفع العوائد من المصادر غير النفطية التي تتضمن الرسوم الحكومية وضريبة الدخل على الشركات وتوزيعات الأرباح من جهاز الاستثمار العماني إضافة للرسوم الجمركية وعائدات ضريبتَي القيمة المضافة والانتقائية. ووفق تقديرات وزارة المالية في بداية العام، من المتوقع أن تبلغ حصيلة إيرادات ضريبتَي القيمة المضافة والانتقائية 590 مليون ريال عماني وضريبة الدخل على أرباح الشركات 560 مليون ريال عماني، فيما تقدّر توزيعات أرباح جهاز الاستثمار العماني بنحو 800 مليون ريال عماني، وإيرادات رسوم الخدمات الحكومية نحو 1.3 مليار ريال عماني.وبينما تظل العلاقة وثيقة ما بين نمو وربحية الشركات الخاصة وحجم مساهمتها في الاقتصاد وفي الرسوم والعائدات الضريبية، فقد كثفت سلطنة عمان توجهها نحو الاستدامة الاقتصادية وتعزيز أنشطة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، وقدمت محفزات مهمة لدعم هذا القطاع منها التوسع في الشراكة والمضي في خطة التخصيص والتخارج من قبل جهاز الاستثمار العماني لإفساح طريق النمو أمام القطاع الخاص، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية وتبنّي نهج موحد وواضح من خلال دليل تسعير الخدمات الحكومية لتحديد أسعار الخدمات الحكومية المقدمة، كما عززت وزارة المالية حجم السيولة المتاحة لشركات القطاع الخاص من خلال مبادرات تسريع دفع المستحقات، وخلال النصف الأول تم الانتهاء من دفع نحو 507 ملايين ريال عماني من المستحقات مكتملة الدورة المستندية.في جانب المؤشرات ذات العلاقة بالمركز المالي للدولة، تعكس نتائج الأداء المالي للميزانية صورة إيجابية لهذه المؤشرات، فقد رفعت سلطنة عمان مستهدفها لمخصصات الديون المستقبلية هذا العام إلى أعلى مستوى منذ ضم هذا البند للميزانية في إطار تنفيذ خطة التوازن المالي متوسطة المدى، وتستهدف ميزانية العام الجاري رفع مخصصات الديون المستقبلية إلى 400 مليون ريال عماني بنهاية 2023، وبنهاية النصف الأول بلغ حجم هذه المخصصات 200 مليون ريال عماني وهو ما يتماشى مع مستهدفات الميزانية، وتتجه سلطنة عمان إلى رفع تدريجي لهذه المخصصات خلال السنوات المقبلة.وفي جانب الدَّين العام والأعباء المرتبطة به، فقد توجه حجم الدين لتراجع جديد خلال النصف الأول من هذا العام بعد سداد 1.5 مليار ريال عماني من القروض الحكومية، مع إعلان وزارة المالية عن عدم الحصول على تمويل خارجي للميزانية في حال ارتفاع أسعار النفط عن ذلك المقدر في الميزانية باستثناء ما يمكن استبداله من قروض حالية بقروض جديدة ذات كلفة أقل.وفي بداية العام أعلنت وزارة المالية أن مخصصات خدمة الدين خلال العام الجاري تقدّر بنحو 1200 مليون ريال عماني، وتشمل الفوائد المتوقع سدادها للقروض القائمة والمخطط لها لعام 2023 في حال عجز الميزانية، وفي حال عدم الحصول على قروض خارجية هذا العام فمن المتوقع أن ينعكس ذلك على استمرار تراجع حجم الدين وانخفاض أعبائه.وبنهاية النصف الأول من هذا العام، تراجع حجم الدين إلى 16.3 مليار ريال عماني، وسجلت خدمة الدين نحو 498 مليون ريال مقارنة مع 521 مليون ريال عماني خلال النصف الأول من العام الماضي.ومنذ تعافي أسعار النفط تبنّت سلطنة عمان توجها ناجحا نحو استغلال العوائد الإضافية في سداد الدين واستبدال بعض القروض بهدف خفض أعباء الدين، وفي هذا السياق يشار إلى أن ارتفاع الإيرادات العامة وتوالي سداد الدين ساهما في خفض خدمة الدين العام من مليار و294 مليون ريال عُماني كمعتمد في بداية عام 2022 إلى نحو مليار و140 مليون ريال عُماني بنهاية العام نفسه، وذلك بعد استبدال للديون خلال العام الماضي أدى إلى خفض عبء الدين بنحو 127 مليون ريال عماني.وفي الوقت الحالي يأتي 53 بالمائة من الإيرادات العامة لسلطنة عمان من مصادر نفطية و33 بالمائة من مصادر غير نفطية و14 بالمائة من صادرات الغاز، ويظل التقدم في تغيير هذه المعادلة وتعزيز العائدات غير النفطية ورفعها إلى مستويات تحولها لمصدر الاعتماد الرئيسي بدلا من النفط والغاز، رهنا بالنجاح في تحفيز أنشطة القطاع الخاص ورفع كفاءة الاستثمارات الحكومية وتنفيذ مستهدفات البرامج الوطنية للخطة العاشرة خاصة برنامج الاستدامة المالية وتطوير قطاع رأس المال الذي يستهدف إيجاد مبادرات ومشروعات لتعزيز دور القطاع المصرفي في التمويل والاستثمار استكمالًا لأهداف خطة التوازن المالي.ومع تفاؤل باستمرار أسعار النفط عند مستوى جيد خلال العامين الحالي والمقبل، والبوادر الجيدة لنتائج خطط الضبط المالي وجهود الاستدامة سواء فيما يتعلق بترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام أو ما يتعلق بخفض الدين العام وكلفة أعبائه، والتحسن المتواصل في التصنيف الائتماني وبالتالي كلفة الاقتراض إذا دعت الحاجة، يتحوّل المركز المالي لسلطنة عمان بشكل متزايد إلى وضع أكثر استدامة وقدرة على إدارة أي عجوزات مالية مستقبلية واحتواء مخاطر الدين العام وإبقائه عند حدود آمنة.يذكر أن الميزانية العامة للدولة لعام 2023 تستهدف مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية أهمها الاستقرار المالي والاقتصادي، واستمرار النمو الاقتصادي، وإبقاء معدلات التضخم عند مستويات معتدلة مع الحفاظ على مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية التي تقدمها الحكومة لضمان استمرار سياسات دعم التنويع الاقتصادي، ودعم برامج تنمية المحافظات، وتنمية مصادر الدخل