ثقافة

نصّ مُرهِق

بقلم الشاعره : رولا ماجد

هل سبقَ واقتحمتكَ أمرأةٌ ورمتْكَ دمعًا كالرصاص، ثمّ وبّختْكَ لكونك زرعتَ أقنعةً خضراءَ في وجوه قاحلة؟ هل سبق وأمسكتكَ وخضّتْكَ بعنفٍ عطوف ثمّ تمتمت فوق عينيك: مات الساقي يا ولدي والوجوه هي الوجوه، فماذا تفعل ها هنا؟ هل سبق وأرشدتك امرأة إلى فلسفات الأنوثة، وجاءتك مبلّلة بالمطر الشابق؟ هل نأتْكَ عن أنوثتها الفائضة المتربّصة بها كالعلق؟ هل سبق وطلبت منك تجفيف شرايين دمعها، أو قطعها من جذور عينيها؟ هل مرّت بك امرأة تحتاج أن تسلخ جلدها، أو تدهنه بدماء ذئب؟ هل طلبت منك ثقب شفتيها بشوكِ الورد، وحشو ثدييها بغيمتين متضادّتين؟ هل جاءتك مغتصَبَة العينين، مفضوضةَ المعاناة؟ هل مرّت بك امرأة مجنونة المدارك وحاضرت أمامك بآخر نظريات الجمال: إن جوهر الجمال سيسطع في مرايا أعينهم، أو سيظهر زيفه كالغبار على المرايا نفسها، فلا حاجة لخيار ثالث في تفكيك الأنسجة وتركيبها… هل اختتمت بحضرة دهشتك وجنونها لتقول لك: أيها الحكيم، شوّهْ لي وجهي! فليسطع ما يسطع، وليظهر ما يظهر….هل صادفت امرأة ولم تستشركَ بالغواية.. بل أخذتكَ من يدك كطفلٍ ووضعت في كفّك الأيمن مبضعًا، ونظرتْ في عينيك بسلام وقالت: لكَ في الدماء نصيب… فشرِّح هذا الوجود فوق طاولة تتوسّطنا، فلتبدأ من سرّة التكوين، أو عليكَ يا صغيري أن تزيل كلّ ترهّلات الأرض؟هل رأت في عينيك العبثيتين طريقًا طويلًا طويلًا.. فأوصتْكَ أن تسلكَهُ حتّى النهاية سيرًا على قدميك، وألّا يغرّك القطار، وأن تتأمّل حوافي الأرصفة، وتستمتع بالعطش، وتؤمن بالمشقّة، وتتعلم من زهرةٍ بريّةٍ كيف تنبت بين الصخور؟يا ولدي الحكيم، لا تنغرّ بصمت الأمكنة، وأنت تضجّ بأفكار فيلسوف الروس، وتضجُّ حولك اتصالات الملتهبات كما تضج جروحهنّ بأيامك.. ويضجّ بك الحنينُ، ويضجّ بك الرماد، ويضجّ بك الفتيل، ويضجّان بك الوقت واللا وقت.. هذا الليل سيمضي، وربّما تشرق شمس خضراء غدًا، فخُذْ نفسًا عميقًا من ليلِنا المجنون، فأحيانا علينا أن نرتشفَ الوعيَ من كأسِ نبيذٍ فقدَ وعيه كي نرجعَهُ سالمًا إلى بيتِ الطاولة! وها… الوعي واللا وعي يضحكان معًا، مثلما أضحك كلّما تطلب رفقتي وأراك تهرب من عيون النساء، وتقول لي: مللتُهُن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى