ننشر كلمة السفير لياو ليتشيانغفي ندوة الصداقة والتواصل بين وسائل الإعلام والمراكز الفكرية الصينية المصرية
كتبت: فاطمة بدوى
القى السفير الصينى بمصر لياو ليتشيانغ كلمة في ندوة الصداقة والتواصل بين وسائل الإعلام والمراكز الفكرية الصينية المصرية جاء فيها : مرحبا بكم في ندوة الصداقة والتواصل بين وسائل الإعلام والمراكز الفكرية الصينية المصرية. اليوم فرصة للالتقاء بالأصدقاء القدماء والتعرف على الأصدقاء الجدد. منذ فترة طويلة، تابعتم عن كثب التنمية في الصين، وسردتم القصص الصينية وقصص الصداقة الصينية المصرية بشكل موضوعي وشامل، ودعمتم عمل السفارة، وقدمتم الاقتراحات القيمة للتعاون الصيني المصري، مما ضخ حيوية مستمرة في العلاقات بين البلدين. بهذه المناسبة، يطيب لي أن أتقدم إليكم بفائق الاحترام وجزيل الشكر على جهودكم الجبارة!يقترب عام 2023 من نهايته. في هذا العام، شهدنا فرصا وآمالا، كما شهدنا أزمات وتحديات. تزداد تغيرات القرن عمقا واتساعا بشكل غير مسبوق، وتبرز التحوّلات للاضطرابات والتغيرات، وترتفع مخاطر التكتل والتشرذم والفوضى في العالم. في الوقت نفسه، يزداد نداء المجتمع الدولي للسلام والتنمية، وتزداد التطلعات للعدالة والإنصاف ويشتد السعي وراء التعاون والكسب المشترك. على هذه الخلفية، تتمسك الصين بالاتجاه العام والتيار العصري، وتلتزم دائما بأهداف سياستها الخارجية المتمثلة في الحفاظ على سلام العالم ودفع التنمية المشتركة، وتعمل على المساهمة في حل القضايا التي تواجه البشرية كلها.أولا، تلتزم الصين دائما بالتعاون والتنمية. قبل فترة، نجحت الصين في عقد الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي، وشارك فيها ممثلون من 151 دولة و41 منظمة دولية. ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة رئيسية في الجلسة الافتتاحية، واستعرض الإنجازات التي حققها “الحزام والطريق” في السنوات العشر الماضية، وأعلن عن الأعمال الثمانية لدعم بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، مما حدد الاتجاه الجديد لـ”الحزام والطريق” وفتح له رؤية جديدة وضخ فيه قوة محركة جديدة.على هامش المنتدى، التقى الرئيس شي جين بينغ مع الدكتور مصطفى مدبولي الزائر للصين لحضور المنتدى، وتشرفت بمشاركة كامل أعمال الاستقبال واللقاءات، وأصغيت إلى التقدير العالي من قيادتي البلدين للإنجازات المثمرة التي حققها البلدان في بناء “الحزام والطريق” خلال السنوات العشر الماضية، والتوافقات المهمة بشأن التعاون بين البلدين في كافة المجالات في المستقبل. وأعتقد أنكم تعرفون جيدا إنجازات التعاون بين بلدينا في إطار “الحزام والطريق”، حيث قامت الشركات الصينية ببناء في مصر “أطول برج إفريقيا” وأول سكة حديدية مكهربة إفريقيا، وساعدت مصر في أن تصبح أول دولة إفريقية ذات القدرة على تجميع واختبار الأقمار الاصطناعية وتنجز أكبر مشروع في التاريخ لترقية الشبكة الوطنية للكهرباء وتمتلك أكبر قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية في القارة الإفريقية وأكبر مركز لتخزين اللقاحات وأسرع النطاق العريض الثابت وأكبر تجمع لإنتاج الإسمنت وأكثره تقنية في إفريقيا.منذ بداية هذا العام، زار مصر عشرات من كبار المسؤولين الصينيين، بمن فيهم لي شي عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية أمين لجنة فحص الانضباط المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وهو خبينغ وزير الثقافة والسياحة وتانغ رنجيان وزير الزراعة، في المقابل، زار الصين عديد من كبار المسؤولين المصريين، بالإضافة إلى الدكتور مصطفى مدبولي، زار الصين وزير الزراعة مرزوق القصير ووزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، ووزير الطيران المدني الفريق محمد عباس حلمي، الأمر الذي يعزز بشكل فعال الفهم المتبادل والتعاون في كافة المجالات. في هذا السياق، نجحت مصر في إصدار “سندات الباندا” بقيمة 3.5 مليار يوان في الصين، وقدم بنك التنمية الصيني قروض بقيمة 7 مليارات يوان إلى البنك المركزي المصري، ويتقدم التعاون المالي بين البلدين بخطوات جديدة. كما أود انتهاز هذه الفرصة لتهنئة مصر بانضمامها إلى آلية بريكس للتعاون. وتحرص الصين على العمل سويا مع مصر على تطبيق مخرجات منتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي وتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والتقنيات الزراعية والطاقة المتجددة وغيرها، وتوسيع التواصل الشعبي، بما يدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى الأمام. كما تحرص الصين على تعزيز التعاون مع مصر في الإطار الصيني العربي والإطار الصيني الإفريقي، وتعزيز التنسيق والتعاون في الأمم المتحدة ومجموعة بريكس وغيرهما من المنصات متعددة الأطراف، حفاظا على التعددية الحقيقية والعدالة والإنصاف الدوليين والمصالح المشتركة للدول النامية.ثانيا، تلتزم الصين دائما بالعدالة والإنصاف. منذ يوم 7 أكتوبر، تابع المجتمع الدولي باهتمام بالغ تطورات الوضع المتوتر في فلسطين وإسرائيل. قد أسفرت هذه الجولة من الصراع عن عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والتدهور الحاد للأوضاع الإنسانية. حول القضية الفلسطينية، ظلت الصين تدعم بثبات قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني. في يونيو الماضي، طرح الرئيس شي جين بينغ الرؤية ذات النقاط الثلاث في لقائه مع الرئيس محمود عباس. أولا، يكمن المخرج الأساسي للقضية الفلسطينية في إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ثانيا، يجب ضمان الاحتياجات الاقتصادية والمعيشية لفلسطين، ويجب على المجتمع الدولي زيادة المساعدات الإنمائية والإنسانية لفلسطين. ثالثا، يجب الالتزام بمفاوضات السلام باعتبارها الاتجاه الصحيح. يجب احترام الوضع الحالي للقدس، كمدينة مقدسة دينية، الذي تشكل على مر التاريخ، ونبذ الأقوال والأفعال المتطرفة والمستفزة، والدفع بعقد مؤتمر السلام الدولي الأكثر حجما وموثوقية وتأثيرا، بما يهيئ الظروف المواتية لاستئناف مفاوضات السلام ويبذل جهودا ملموسة لمساعدة فلسطين وإسرائيل في التعايش بسلام.منذ اندلاع هذه الجولة من الصراع، قد أوضحت الصين موقفها أكثر من مرة، ويمكن تلخيصه إلى النقاط الثلاث التالية: أولا، ضرورة وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، لمنع المزيد من التصعيد وحتى فقدان السيطرة؛ ثانيا، الدعوة إلى حماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية؛ ثالثا، دعم “حل الدولتين”، واستئناف عملية السلام في أسرع وقت ممكن، ووضع لها الجدول الزمني وخارطة الطريق المحددة. في الفترة الأخيرة، بذلت الصين الكثير من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، وقامت بالاتصالات المكثفة مع كافة الأطراف ذات الصلة، وعملت بكامل قوتها على إحلال السلام وتهدئة الوضع، وقدمت الأغذية والأدوية وغيرهما من المساعدات النقدية والمادية الإنسانية العاجلة لأهالي غزة.اليوم، سيزور الصين الوفد المشترك لوزراء الخارجية للدول العربية والإسلامية المتكون من وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير الخارجية الإندونيسي ريتنو ليستاري ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، وسيقوم الجانب الصيني بالتواصل والتنسيق المعمق مع الوفد بشأن تهدئة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحماية المدنيين وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. تعمل الصين، كالرئيس الدوري في هذا الشهر، على دفع مجلس الأمن لاتخاذ خطوات مجدية ومسؤولة. في يوم 15 نوفمبر، تبنى مجلس الأمن قرار يركز على الانشغالات الإنسانية وحماية الأطفال. في هذا السياق، دعا المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير تشانغ جيون مجلس الأمن إلى إنشاء آلية لازمة واتخاذ خطوات المتابعة والإشراف على مدى تنفيذ هذا القرار وإبلاغه. ستواكب الصين كالمعتاد نداءات المجتمع الدولي وتعزز التنسيق مع الأطراف ذات الصلة وخاصة الدول العربية، وتقف إلى جانب الحق، وتعمل على بلورة التوافق، حتى تدفع القضية الفلسطينية للعودة إلى مسار “حل الدولتين”.ثالثا، ظلت الصين تلتزم بالسلام والكسب المشترك. في مواجهة التحديات، يجب على الدول الكبيرة أن تكون قدوة جيدة حتى تجعل العالم أفضل. في الأيام الأخيرة، عقد الرئيس شي جين بينغ القمة الصينية الأمريكية في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية تلبية لدعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما حضر الدورة الـ30 لقمة منظمة أيبك، حيث تبادل الرئيسان الآراء بشأن القضايا ذات الطابع الاستراتيجي والشامل والإرشادي للعلاقات الصينية الأمريكية والقضايا الهامة المتعلقة بالسلام والتنمية في العالم، وتوصلا إلى أكثر من 20 توافق في مجالات السياسة والدبلوماسية والتواصل الشعبي والحوكمة العالمية والعسكرية والأمن. أكد الرئيس شي جين بينغ خلال لقائه مع الرئيس بايدن أن التنافس بين الدول الكبرى لا يحل المشاكل التي تواجه البلدين والعالم برمته، ويتسع كوكب الأرض لكلا البلدين. خلال هذا اللقاء في سان فرانسيسكو، توصل البلدان إلى أفق جديدة وعملا على بناء الركائز الخمس للعلاقات الثنائية.أولا، العمل سويا على تكوين الفهم الصحيح. ظلت الصين تسعى إلى بناء العلاقات الصينية الأمريكية المستقرة والصحية والمستدامة. في الوقت نفسه، لدى الصين مصالح لا بد من الحفاظ عليها ومبادئ لا بد من الدفاع عنها وخطوط حمراء لا بد من التمسك بها. نأمل أن يكون البلدان شريكين يتبادلان الاحترام ويتعايشان بشكل سلمي.ثانيا، العمل سويا على إدارة الخلافات والسيطرة عليها بشكل فعال. لا نسمح أن تكون الخلافات هوة تفصل بين البلدين، علينا أن نحاول إيجاد سبل لبناء جسر يقرب المسافة بينهما. من الضروري أن يتعرف الجانبان على المبادئ والخطوط الحمراء للجانب الآخر، ويمتنعا عن المناورات العبثية أو إثارة المشاكل أو تجاوز الحدود، ويكثفا التواصل والحوار والتشاور، ويتعاملا مع الطوارئ والخلافات برأس بارد.ثالثا، العمل سويا على تدعيم التعاون المتبادل المنفعة. لدى الجانبين مصالح مشتركة واسعة النطاق في مجالات كثيرة، تشمل المجالات التقليدية مثل الاقتصاد والتجارة والزراعة والمجالات الناشئة مثل تغير المناخ والذكاء الاصطناعي. في ظل الوضع الحالي، لم تتقلص المصالح المشتركة بين البلدين، بل ازدادت. فمن المطلوب الاستفادة الكاملة من الآليات التي قد تم استئنافها أو إقامتها في مجالات الدبلوماسية والاقتصاد والمالية والتجارة والزراعة وغيرها، وإجراء التعاون في مجالات مكافحة المخدرات والقضاء وإنفاذ القانون والذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا وغيرها.رابعا، العمل سويا على تحمل المسؤولية كالدول الكبرى. لا يستغني حل المعضلات التي تواجه المجتمع البشري عن التعاون بين الدول الكبرى. فمن المطلوب أن تكون الصين والولايات المتحدة قدوة في هذا الصدد، وتعززا التنسيق والتعاون في القضايا الدولية والإقليمية، وتوفرا مزيدا من المنافع العامة للعالم. يجب أن تكون المبادرات المطروحة من قبل الجانبين منفتحة أمام الجانب الآخر، ويمكنهما التنسيق والمواءمة لتوحيد الجهود وخدمة العالم.خامسا، العمل سويا على تعزيز التواصل الشعبي. من المطلوب زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين، ودعم التعاون السياحي، وتوسيع التواصل بين الحكومات المحلية، وتعزيز التعاون في التعليم وشؤون ذوي الإعاقة، وتقليل العوامل السلبية التي تعرقل التواصل الشعبي، وتشجيع دعم الشعبين لتكثيف التبادل والتواصل، بما يرسي أساسا للتطور السليم للعلاقات الصينية الأمريكية.قال الرئيس بايدن في اللقاء إن العلاقات الأمريكية الصينية أهم العلاقة الثنائية في العالم، والصراع بين البلدين ليس أمرا لا مفر منه، إن صينا مستقرا ومتنامية تتفق مع مصارح الولايات المتحدة والعالم، وإن النمو الاقتصادي الصيني يفيد الولايات المتحدة والعالم. كما أكد الرئيس بايدن مجددا على التعهدات ذات النقاط الخمس، أي: لا تسعى الولايات المتحدة إلى “الحرب الباردة الجديدة”، ولا تسعى إلى تغيير النظام الصيني، ولا تسعى إلى معارضة الصين عبر تقوية التحالفات، ولا تدعم “استقلال تايوان”، ولا تنوي الصراع مع الصين، مؤكدا على أن الولايات المتحدة تريد أن ترى التنمية والازدهار في الصين، ولا تسعى إلى مضايقة وردع التنمية في الصين ولا تسعى إلى فك الارتباط مع الصين. بعد اللقاء، قال الرئيس بايدن على حسابه في منصة إكس للتواصل الاجتماعي إن هذا اللقاء حقق “تقدما حقيقيا ومهما”.بفضل الجهود المشتركة من الجانبين، حققت هذه القمة أكثر من 20 إنجازا مهما، بما فيه إقامة الحور بين الحكومتين بشأن الذكاء الاصطناعي استجابة مع تطلعات المجتمع الدولي؛ إقامة فريق العمل الصيني الأمريكي للتعاون في مكافحة المخدرات؛ استئناف التواصل والحوار الدوري بين قيادتي الجيشين؛ الاتفاق على الزيادة الكبيرة للرحلات الجوية المباشرة في وقت مبكر في العام المقبل؛ توسيع التواصل في مجالات التربية والتعليم والطلاب المبتعثين والشباب والثقافة والرياضة ورجال الأعمال؛ الترحيب بإطلاق “فريق العمل لتعزيز التحركات المناخية في عشرينيات القرن الـ21″، والعمل سويا على إنجاح مؤتمر “كوب 28” للتغير المناخي المزمع عقده في دبي. وأشاد الرئيسان بجهود الفريقين في مناقشة المبادئ الإرشادية للعلاقات الصينية الأمريكية وما حققاه من التوافق منذ اللقاء في جزيرة بالي، مؤكدين على ضرورة الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والحفاظ على التواصل وتنجب الصراع والالتزام بـ”ميثاق الأمم المتحدة”، وإجراء التعاون في المجالات ذات المصالح المشتركة، وإدارة

والسيطرة على العوامل التنافسية في العلاقات الثنائية بشكل مسؤول، بما يوفر الأساس لعودة العلاقات الصينية الأمريكية إلى المسار الصحيح.أيها الأصدقاء، قال الأمين العام شي جين بينغ: “إن عالمنا حافلة بالآمال والتحديات. يجب علينا ألا نتخلى عن الأحلام بسبب تعقيد الواقع، وألا نوقف سعينا وراء الأحلام بسبب بُعدها.” رغم أن عناصر عدم الاستقرار وعدم اليقين وعدم الأمان تزداد في الأوضاع الدولية، غير أن موضوع العصر يبقى كما هو، أي السلام والتنمية. فإن الصين ومصر وغيرهما من دول الأسواق الناشئة والدول النامية، باعتبارها القوة المهمة للحفاظ على السلام ودفع التنمية المشتركة، تلعب دورا متزايد الأهمية على الساحة الدولية. تتطلع الصين إلى العمل مع مصر، على ضخ المزيد من عنصر الاستقرار والطاقة الإيجابية في العالم الذي يمر بمرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيرات.شكرا جزيلا!