اراء ومقالات

من التعزية إلى السيلفي"انحراف مآتمنا عن جوهرها الإنساني في عصر الرقمنة والسوشيال ميديا"

بقلم الدكتور مهندس / عادل عبدالله عبده
مدرس مساعد نظم المعلومات
بالمعهد العالي للحاسبات والمعلومات وتكنولوجيا الإدارة بطنطا

لقد ظهرت ف الآونة الأخيرة ظاهرة سيئة ف العزاءات وتمددت بقوة وأصبحت سائدة عند الجميع إلا مارحم ربي حيث أصبح البعض يتخذها كوسيلة للشهرة بينما يدعي آخرون بأنهم أصحاب واجب .
وآخرون يحملون أهداف واضحة تتمثل ف الدعاية بالانتشار بين فئات المجتمع المختلفة لأغراض سياسية.
وهذه الظاهرة لم تكن ف الماضي إلا كوسيلة لتقديم التعزية ولصلة الرحم والود بين الناس لتهدئتهم وتصبيرهم ع بلائهم وأيضاً للهدوء النفسي والاطمئنان وللعظة بأننا سنكون يوماً ما ف لقاء المولى سبحانه وتعالى.

ما أراه اليوم ف كل عزاء ولا أستثني أحد إلا القليل جداً مما يحافظون ع قدسية هذا الأمر ومهابته واحترام أصحاب الآلم واحترام الذات أيضاً ولتنبيه النفس أنها ذات فطرة إنسانية وجب عليها أن تتأدب ف حضرة الآلم

ومما يثير الدهشة والقلق أن الأكثرية يمثل لها هذا الأمر ويكأنه ملتقى يوزع فيه الابتسامات والتقاط الصور ليس حتى من باب التذكر أو الذكرى ولكن من باب النشر ع الفيس بوك وانستجرام واوا واو واو …. إلى آخره من جميع وسائل التواصل الاجتماعي الذي زاد الطين بلة.
وما يفعلونه لأغراض تشوبها الرياء والنفاق ، أتعجب بشدة وأنا أشاهد الصور بالعزاءات، الصور ذات الإبتسامة العريضة ويكأن العزاء أصبح مناسبة سعيدة وملتقى للاحتفال بينما ف الحقيقة فاجعة وطامة كبرى تستوجب علينا الخضوع والخنوع لمهابة هذا الحدث الجلل.
ولقد أثار دهشتي من تسابق الجميع وراء الكاميرات لأخذ اللقطة كما نقول بالعامية.
ربما الأمر ليس بجديد علي فإنه منذ عدة سنوات مضت ولكن أصبح ف شكل متطور ومشمئز مثير للغضب.
فقد انتقل حاله من كونه موضوعا ً للعزاء والتعزية مما يتيح الفرصة لتوثيق اللحظات بالتصوير أو بمقاطع الڤيديو للتذكر إلى أن أصبح الهدف مذموماً وجعلني ألتفت بدهشة متعمقاً ف الأمر بالتفكير والتدبير وهو أن أصحاب العزاءات أنفسهم إلا مارحم ربي منهم أجدهم يضبطون زوايا الوقوف أو الجلوس من أجل الصورة الجميلة . هؤلاء الأفراد نسوا بأنهم بأصحاب بلاء وإبتلاء عظيم بينما وصل بهم الأمر من الامبالاة مصطحب ذلك الإسفاف واللاوعي بضبط زوايا عدسة الكاميرا مع إبتسامة عريضة واسعة كاسمكة قرش تأكل أسماك ضخمة ف أعماق البحار و المحيطات فتبدل الحال من التكريم للمتوفى إلى الاحتفال والابتسامات والعروض وكأن المياتم أصبحت دعوى للتفاخر والتباهي في حين كان الأولى أن تكون إسلوباً للإهداء والدعاء للمتوفى.
كان من الأفضل أيضا أن نتأمل ف هذه اللحظات القليلة ونذكر أنفسنا بالآخرة متمنين رحمة الله تعالى أن ترعانا.
ولذلك وجب التنويه للأمرين
أولا: أذكر نفسي وأذكر كل يتقبل الأمر بسعة صدر
حيث لكل مقام مقال ولكل حدث حديث
ثانياً : أؤكد بأنني لا أستهدف أحداً بعينه حتى لايتسلل لقلوب ذوي العقول الضعيفة أنني أسقط عليهم
كما أني لا أشكك ف نوايا البشر فربما من يفعل ذلك دون وعي وكأن هذه المشاهد العبثية أصبحت عادات وتقاليد فيفعلونها دون إدراك فهناك من يتملكون النقاء ف قلوبهم وهناك من يقومون بتلك الأفعال من أجل السمعة والرياء.
كلنا إلى الله تعالى راجعون.فلنتق الله ونستقيم على طريق الحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى