كتبت: علياء الهواري
تتواصل التحذيرات المقدسية من خطورة مشروع البرج الاستيطاني الضخم الذي تعمل سلطات الاحتلال على إقامته في قرية عين كارم غرب القدس، في خطوة يُنظر إليها باعتبارها واحدة من أكثر مخططات التهويد تأثيراً على المشهد العمراني والتاريخي للمدينة.
وقال الباحث المقدسي فخري أبو دياب إن المشروع خضع لنقاشات واسعة خلال الأشهر الماضية، قُدمت خلالها مئات الاعتراضات من مؤسسات وجمعيات وأفراد، نظراً لموقعه الحساس وارتفاعه غير المسبوق. وأضاف أن البرج، الذي يُخطَّط ليصل ارتفاعه إلى 197 متراً (56 طابقاً) بتمويل مباشر من وزارة الإسكان الإسرائيلية، سيُقام على أراضٍ فلسطينية مهجّرة منذ عام 1948، وسيضم مكاتب ومؤسسات وشققاً سكنية، بينما تتولى شركة دولية شاركت سابقاً في تصميم برج خليفة إعداد مخططاته الهندسية.
وأوضح أبو دياب أن المشروع لا يقتصر على تغيير معالم عين كارم، بل يندرج ضمن محاولة إسرائيلية رسمية لفرض هوية معمارية جديدة على القدس من خلال الأبراج العالية التي تشوّه الأفق البصري للمدينة، وتتصادم بشكل كامل مع طابعها العربي والإسلامي وتراثها الممتد لآلاف السنين.
وأشار إلى أن إقامة البرج تأتي على حساب الطبيعة الجبلية الخلابة لعين كارم، وتُمثل امتداداً لعمليات محو الذاكرة الفلسطينية وطمس المعالم التاريخية التي بدأت منذ تهجير سكان القرية عام 1948، وتحويلها إلى منطقة استيطانية مغلقة.
وفي البعد الأمني، يؤكد الباحثون أن الأبراج المرتفعة تخدم أهدافاً عسكرية واستخبارية من خلال استخدامها للمراقبة والرادارات، ما يوفّر للمستوطنين والجيش قدرة واسعة على الإشراف البصري الذي قد يمتد — في حال اكتمال البناء — من محيط القدس وصولاً إلى المسجد الأقصى والساحل الفلسطيني.
ويحذر مختصون من أن المشروع سيُحدث تحولاً جذرياً في هوية القدس العمرانية، ويعزز التوسع الاستيطاني في واحدة من أكثر المناطق حساسية، في ظل محاولات الاحتلال تكريس واقع ديمغرافي ومعماري جديد يقطع صِلة الفلسطينيين بمدينتهم وتاريخهم.










