تقرير : علياء الهواري
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل إسرائيل وخارجها، أرسل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خطاباً رسمياً إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يطالبه بمنح العفو الكامل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه محاكمات بتهم فساد تشمل الرشوة، الاحتيال، واستغلال النفوذ.
الرسالة، التي وصف فيها ترامب نتنياهو بـ«رئيس وزراء حربي حاسم»، لم تكن مجرد دعوة قانونية، بل حملت دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، تعكس صراع النفوذ بين مؤسسات الدولة في إسرائيل والضغط الدولي عليها.
نتنياهو متهَّم في قضايا فساد عدة، تشمل:
تلقي هدايا فاخرة ورشاوى من رجال أعمال.
محاولات التأثير على الإعلام والسياسات الحكومية لصالح مصالحه الشخصية.
اتهامات بالاحتيال واستغلال المنصب لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
رغم أن القضاء الإسرائيلي يتابع القضية وفق إجراءات معلنة، إلا أن تدخل ترامب أثار جدلاً واسعاً حول استقلالية القضاء وحماية القانون في إسرائيل.
الخطاب جاء في سياق سياسي معقد، حيث ركز ترامب على نقاط عدة:
تبرئة نتنياهو سياسياً: وصفه بـ«رئيس وزراء حربي حاسم»، مشيراً إلى دوره في إدارة النزاعات الأمنية الكبرى.
الضغط على الرئاسة الإسرائيلية: الطلب جاء بشكل مباشر وغير معتاد، ما يضع الرئيس هرتسوغ أمام اختبار سياسي وقانوني.
التأثير على الرأي العام: الرسالة تمثل محاولة لتقوية صورة نتنياهو لدى مؤيديه وإظهار أن هناك دعماً دولياً له، بما قد يؤثر على المشهد السياسي الداخلي.
ما وراء الأمر: الأبعاد السياسية والاستراتيجية
مصادر سياسية وتحليلية ترى أن خطاب ترامب يحمل أهدافاً أبعد من مجرد قضية عفو قانونية:
تعزيز النفوذ الأمريكي في إسرائيل: ترامب يسعى لتثبيت دوره كفاعل سياسي مؤثر في القرار الإسرائيلي، خصوصاً بين التيارات المؤيدة للولايات المتحدة.
توجيه رسالة للرأي العام الإسرائيلي: العفو المقترح يضع المواطنين أمام خيار صعب: تكريم نتنياهو كبطل حربي أو الدفاع عن استقلال القضاء وسيادة القانون.
ربط السياسة الداخلية بالسياسة الإقليمية: التوقيت مرتبط بملفات أمنية وسياسية حساسة، أبرزها إدارة ملف غزة وترتيبات إقليمية قد تشمل تغييرات في التحالفات الإقليمية.
ومن الجانب الإسرائيلي: حتى الآن، لم يُصدر الرئيس هرتسوغ أي قرار رسمي. مكتب الرئاسة أكد أن أي طلب لعفو يجب أن يُقدّم وفق الإجراءات القانونية، وأن القرار النهائي سيكون مبنياً على القانون وليس على الضغوط السياسية.
خبراء سياسيون يؤكدون أن خطوة العفو المحتملة قد تُعيد خلط الأوراق السياسية في إسرائيل:
داخلياً: ستزيد الانقسامات بين مؤيدي نتنياهو والمعارضين له، وربما تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات السياسية والاجتماعية.
إقليمياً: قد تعطي رسائل خاطئة للفلسطينيين والدول العربية عن تقاطع السياسة الأمريكية مع مصالح شخصية للقيادات الإسرائيلية.
دولياً: تدخل ترامب بهذا الشكل يسلط الضوء على تأثير الشخصيات السابقة على السياسة الحالية، ويفتح جدلاً حول حدود النفوذ الأمريكي في الدول الحليفة.
ما بدا كخطاب دعائي من ترامب يحمل أكثر من بُعد. إنه اختبار حقيقي لقوة القضاء الإسرائيلي، وقدرة الدولة على مواجهة النفوذ الخارجي، وما إذا كان القانون سيظل فوق مصالح القوة والنفوذ الشخصي.
الملفات القضائية والسياسية الآن في قلب العاصفة، والقرار الذي ستتخذه الرئاسة الإسرائيلية لن يكون مجرد مسألة عفو، بل إشارة لماهية الدولة وسيادتها واستقلال القضاء.











