تخيل معي الموقف التالي – يصحيك المنبه الساعة ٦ الصباح، وعارف إنك لازم تقوم تروح للدوام، لكن سريرك دافئ ومريح لدرجة مستحيل تتخيلها. هنا يبدأ عقلك يفاوضك – خمس دقايق بس – بقولهم صار لي ظرف – أحس إني تعبان ومجهد .
هذا السيناريو يتكرر مع أغلبنا وليس شرط أنك كسول أو ناقصك إرادة، لا، لكن عقلك ببساطة يسوي الشيء اللي تطور عشان يسويه على مدى آلاف السنين أنه يتجنب أي إزعاج أو عدم راحة، ويوفر أكبر قدر ممكن من الطاقة.
فهم هذه النقطة هو أول خطوة لحل المشكلة. قبل ما ندخل في الحلول، لازم نعرف كيف عقولنا تقاومنا. هذه المقاومة تكون على شكلين واضحين جداً.
النوع الأول هو المقاومة العاطفية. ببساطة، عقلك ما يقيم المهام بمنطق، يقيمها بعاطفة. كلما كانت المهمة تبدو أكبر وأصعب في خيالك، كلما زادت المقاومة العاطفية اللي يصنعها عقلك ضدها.
مثلاً، فكرة تنظيف كامل البيت تخلق مقاومة ضخمة وشعور بالثقل، لكن فكرة غسل صحن واحد فقط تبدو سهلة وممكنة. نفس الشيء مع لازم أذاكر ٨ ساعات اليوم مقارنة بـ براجع صفحة واحدة فقط. العقل يقوم بعملية حسابية لا واعية وسريعة وهي:
مهمة كبيرة = مشاعر سلبية كبيرة.
مهمة صغيرة = مشاعر سلبية صغيرة أو معدومة.
النوع الثاني من المقاومة هو حماية الأنا أو صورتك الذاتية. العقل عنده أولوية قصوى أنه يحمي القصة اللي أنت تقولها لنفسك عن نفسك بأي ثمن.
يعني، لو كنت تشوف نفسك شخص ذكي، راح تتجنب لا شعورياً أي مهمة ممكن تظهر فيها بمظهر الجاهل أو الغير فاهم. لو عندك مثلاً قناعة أنك ما تفهم بالرياضيات، عقلك راح يخلق مقاومة حتى قبل ما تفتح الكتاب.
لو تشوف نفسك شخص كامل وما يغلط، راح يكون مجرد البدء في أي شيء جديد مرعب، لأن المحاولة الأولى ما راح تكون مثالية. بالتالي، المقاومة هنا ما هي ضد المهمة نفسها، بل هي لحماية صورتك الذهنية عن ذاتك.
طيب، كيف نتعامل مع هذا الوضع؟ فيه 7 استراتيجيات عملية وبسيطة اقترحها صاحب المقال:
أول حل هو خدعة الدقيقتين. بما إن عقلك يكره الالتزامات الكبيرة، لا تعطيه التزام كبير. التزم بدقيقتين فقط. مثلاً بدل ما تقول بتمرن، قول بسوي تمرين واحد. بدل بذاكر، قول بقرأ فقرة واحدة. بدل بنظف الغرفة، قول بشيل ثلاثة أغراض من مكانها. الغالب إنك بعد ما تبدأ راح تكمل، وحتى لو ما كملت، تكون كسرت حاجز المقاومة الأولية وهذا هو الأهم.
ولو حسيت إن حتى الدقيقتين صعبة، فيه استراتيجية ثانية وهي التحضير المسبق. لا تبدأ بالمهمة نفسها، ابدأ بتجهيزها. مثلاً البس ملابس الرياضة، أو عبي قارورة الموية، أو افتح اللابتوب والمستند اللي بتشتغل عليه، أو جهز كتبك على المكتب. الحركة الجسدية تتجاوز المقاومة العاطفية، ولما تخلص تحضير تكون دخلت في جو الشغل بدون ما تحس.
الحل الثالث هو المكافآت. عقلك يحب المكافآت ويكره الجهد، بالتالي، الحل هو إنك تحط الجهد بين مكافأتين.
مكافأة صغيرة -> مهمة صعبة -> مكافأة أكبر.
مثلاً: فنجان قهوة -> تخلص شغلك -> تتغدى غداك المفضل.
من الحلول الجميلة أيضاً أنك تجعل الأمر ممتع. اربط المهمة الصعبة بشيء تستمتع فيه، مثل سماع بودكاست تحبه وأنت تتمرن، أو إشعال شمعة برائحة تحبها وأنت تشتغل. مع الوقت، عقلك راح يربط المهمة الصعبة بالتجربة الممتعة وتقل مقاومته تلقائياً.
أيضاً حل ممتاز لمشكلة حماية الأنا – اعتبر نفسك تسوي تجربة. التجارب ما تحتاج تكون مثالية، كل اللي تحتاجه هو جمع بيانات. بدل ما تقول لازم أقدم عرض مثالي، قول بجرب أشوف كيف أقدر أخلي الحضور يتفاعلون أكثر. هذا يقلل الضغط ويزيد الفضول.
حل آخر وهو أنك تتظاهر بأنك الشخص اللي تريد أن تكونه. عقلك يقاوم المهام التي تتعارض مع هويتك الحالية، ويتعاون مع المهام اللي تتوافق معها. عبارة لازم أصير رياضي تخلق مقاومة، لكن عبارة أنا شخص يتمرن تزيل المقاومة.
وأخيراً، احتضن دور المبتدئ. قول أنا أتعلم الطبخ بدل أنا ما أعرف أطبخ. ما فيه أحد يفشل في كونه مبتدئ، الفشل الوحيد هو عدم المحاولة. مستحيل تفشل في كونك مبتدئ، كل اللي تقدر تسويه هو إنك تتحسن.
لازم تعرف أن عقولنا راح تظل ترسل لنا رسائل درامية ومبالغ فيها دائماً “صعب جداً”، “ما أقدر”، “خلها بكرة”. لكن جزء كبير من هذه الدراما مجرد مبالغات.











