كتب :أحمد صابر
بعيدا عن الشهرة والأضواء هناك أيادى بيضاء تمتد لتمسح دموع وتزيل الالم وتفتح طاقة نور وشعاع من الأمل فى الحياة للمحتاجين وغير القادرين على توفير علاج أو إجراء جراحة لمواجهة توحش الأمراض
ولدة فكرة تبنتها هبة راشد، مؤسِّسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة مرسال، واحدة من أبرز النماذج النسائية الملهمة في مجال العمل المجتمعي ودعم الرعاية الصحية في مصر، حيث تعكس مسيرتها كيف يمكن للإصرار والتعليم والرؤية الاستراتيجية أن تحوّل المبادرات الصغيرة إلى تأثير إنساني واسع النطاق يمتد على مستوى الجمهورية.
بدأت هبة راشد رحلتها بتأسيس مؤسسة مرسال اعتمادًا على تبرع متواضع لم يتجاوز 20 ألف جنيه مصري، انطلاقًا من إيمانها بأن المبادرات محدودة الموارد قادرة على إحداث فرق حقيقي إذا ما قامت على تنظيم واضح ورؤية مستدامة. واليوم، تُعد مرسال واحدة من أبرز المؤسسات غير الهادفة للربح في مصر في مجال دعم الرعاية الصحية للفئات الأكثر احتياجًا.
وتعمل مؤسسة مرسال على تقديم منظومة متكاملة من الخدمات الطبية، تشمل تحمّل نفقات العلاج، وإجراء العمليات الجراحية، وتوفير الأدوية والأجهزة الطبية، ودعم وحدات الرعاية المركزة، وخدمات الغسيل الكلوي، وعلاج الأورام، وحضّانات الأطفال المبتسرين، إلى جانب التدخلات الطبية الطارئة، وذلك بالتعاون مع عدد كبير من المستشفيات والجهات الطبية المتخصصة في مختلف المحافظات.
خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، قدمت مؤسسة مرسال نحو 673 ألف خدمة طبية استفاد منها أكثر من 36 ألف حالة مرضية، بتكلفة إجمالية تجاوزت 741 مليون جنيه مصري، ما يعكس حجم الدور الذي تقوم به المؤسسة في دعم المنظومة الصحية وتخفيف الأعباء عن المرضى غير القادرين.
على الصعيد الأكاديمي، تخرجت هبة راشد هذا العام من جامعة أكسفورد، إحدى أعرق الجامعات العالمية، وهو ما أسهم في تعزيز رؤيتها المؤسسية القائمة على التخطيط الاستراتيجي، والاستدامة، وتطبيق أفضل الممارسات الدولية في العمل الخيري والإنساني المنظّم.
جدير بالذكر تجلي الدور الحيوي للجمعيات غير الهادفة للربح خلال جائحة كوفيد-19، في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث لعبت مؤسسة مرسال دورًا محوريًا في دعم المنظومة الصحية عبر الاستجابة السريعة، وبناء شراكات فعّالة مع المستشفيات، وتنفيذ تدخلات مجتمعية استهدفت الفئات الأكثر احتياجًا، وأسهمت في تخفيف الضغط الواقع على القطاع الصحي.
وامتد الدور الإنساني لمؤسسة مرسال خارج الحدود، إذ قدّمت منذ بداية الحرب على غزة مساعدات إنسانية وطبية تجاوزت قيمتها 400 مليون جنيه مصري، شملت دعم القطاع الصحي والإغاثي، في إطار التزامها بالمسؤولية الإنسانية تجاه المتضررين من الأزمات والنزاعات.
نجحت هبة راشد، على مدار مسيرتها، في بناء شراكات واسعة مع المستشفيات، والقطاع الخاص، والجهات الحكومية، والمنظمات الدولية، ما عزز من مكانة مؤسسة مرسال كنموذج موثوق للعمل الأهلي القائم على الشفافية وتحقيق الأثر المجتمعي في مصر.
إلى جانب إنجازاتها المؤسسية، فهي تمثل صوتًا مؤثرًا في قضايا تمكين المرأة، وأهمية التعليم، ودور العمل الإنساني المنظم والمستدام في دعم النظم الصحية. وتؤكد تجربتها أن الاستثمار في المعرفة، ووضوح الهدف، والشراكة المجتمعية، عناصر أساسية لصناعة تأثير إنساني مستدام.











