كتب : محمد النويشي
تحليل سياسي شامل لدوائر الإلغاء الـ19، ودوائر البطلان الـ29، وما ينتظر 22 دائرة أمام محكمة النقض
نتائج 19 دائرة ملغاة تكشف حجم الفجوة بين “الإعلان الأول” و”حقيقة الصندوق”
في لحظة سياسية فارقة، شهدت مصر واحدة من أهم محطات تصحيح المسار الديمقراطي في انتخابات مجلس النواب 2025.
فلم تكن المسألة مجرد إعادة فرز أو مراجعة إجرائية، بل كانت عملية جراحية دقيقة لإعادة الانضباط إلى مشهد حاولت بعض القوى تحويله إلى مجرد “أرقام على الورق”.
ولولا التدخل المباشر من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوجيهاته الحاسمة للهيئة الوطنية للانتخابات بإعادة النظر في التظلمات، وتسليم المحاضر الرسمية للمرشحين، وإجراء انتخابات جديدة في الدوائر التي شابتها مخالفات، لكان المشهد قد انزلق إلى طريقٍ موازٍ لإرادة الشعب.
هذا التدخل الرئاسي لم يُعد فقط الثقة في العملية الانتخابية، بل كشف الستر عن ممارسات كانت تتزين بشعار دعم الدولة، بينما هي في الحقيقة تعمل ضد استقرار الدولة وضد إرادة الشعب.
الرئيس يصحح المسار… والحقائق تظهر لأول مرة
حين أصدر الرئيس السيسي توجيهاته بضرورة تحقيق الشفافية وتسليم محاضر الفرز لكل المرشحين، بدا واضحًا أن الدولة قررت المواجهة مع أي خلل يمس نزاهة الانتخابات… مهما كان الفاعل.
لم يكن ذلك مجرد تعديل مسار؛ بل تصحيحًا تاريخيًا لما شاب العملية الانتخابية من مخالفات فجّرت أسئلة كبيرة، ووضعت الجميع أمام امتحان الحقيقة.
ولولا هذا التدخل المباشر والواضح، لما رأينا الفجوة الهائلة بين الأرقام التي أُعلنت أولًا… وتلك التي كشفها الصندوق الحقيقي.
ما جرى لم يكن مجرد فروق أصوات…
بل صراع بين الحقيقة والتزوير، بين إرادة الناخبين… و”أصوات” لا يعرف أحد مصدرها.
زلزال سياسي بالأرقام
19 دائرة ألغت الهيئة الوطنية للانتخابات نتائجها بالكامل
29 دائرة ألغتها المحكمة الإدارية العليا بعد قبول الطعون
22 دائرة تنتظر حكم محكمة النقض خلال 60 يومًا
هذه الأرقام ليست بيانات عابرة…
إنها خريطة إعادة بناء مشهد سياسي كامل.
الأرقام تتكلم… وفوارق الأصوات تفضح ما حدث
لغة الأرقام صادقة دائمًا، وما كشفته الدوائر التي أُعيدت الانتخابات فيها لم يكن اختلافًا بين مرحلتين… بل انهيارًا كاملًا لمصداقية “الإعلان الأول”.
نماذج فاضحة لما جرى:
1) دمنهور – سناء برغش (مستقبل وطن)
قبل الإلغاء: 74 ألف صوت – فوز بلا إعادة
بعد الإعادة: 31 ألف فقط
اختفاء 43 ألف صوت
ومحمد بهنسي مرشح مستقل كان ساقطًا يدخل الإعادة بـ25 ألف.
2) نجع حمادي – فتحي قنديل (مستقل)
قبل الإلغاء: خسر بـ 18,947 صوت… لصالح خالد خلف الله مرشح حزب (مستقبل وطن)
بـ 78,271.
بعد الإعادة: قفز إلى 56,817 صوت ونجح بدون إعادة!
بينما خالد خلف الله اللي كان واخد 78 ألف… نزل إلى 28,721!
فارق 50 ألف صوت بين المرحلتين
3) إمبابة – إيهاب الخولي (المحافظين)
قبل الإلغاء: 22,860 صوت – فوز مباشر.
بعد الإعادة: 1,311 صوت فقط!
يعني ناقص 21 ألف صوت اختفوا من المشهد تمامًا.
4) إمبابة – أحمد العجوز (مستقل)
قبل الإلغاء: 1,211 صوت فقط – خسارة.
بعد الإعادة: 12,114 صوت ونجاح!
بينما وليد المليجي (مستقبل وطن) اللي كان واخد 49,755… نزل لـ 9 آلاف ودخل إعادة مع نشوى الديب!
فارق 40 ألف صوت!
5) سوهاج – حاتم مبارك (مستقبل وطن)
قبل الإلغاء: 66,830 – فوز مباشر.
بعد الإعادة: 12,130 وخارج المنافسة تمامًا.
والإعادة بين 4 مرشحين مستقلين تقريبًا.
6) سوهاج – العمدة هاشم (حماة وطن)
قبل الإلغاء: 48,992 – فوز من الجولة الأولى.
بعد الإعادة: 8,992 فقط – خروج تام.
والإعادة بين مرشحين مستقلين: مصطفى مزيرق (20 ألف) وحجاج اللبيني (12 ألف).
7) الفيوم – أطسا
قبل الإلغاء:
أكرم شعت (مستقبل وطن): 66,521
ياسر سلومة (حماة الوطن): 61,352
الاثنين فازوا بدون إعادة.
بعد الإلغاء:
أكرم: 29,243
سلومة: 31,831
الاتنين سقطوا
وفاز مرشحان مستقلان:
مصطفى البنا (40,031)
حسام خليل (37,875)
8) أبو حمص وإدكو – العرجاوي (مستقل)
قبل الإلغاء: 18 ألف – خسارة.
بعد الإعادة: 51 ألف – دخول إعادة.
9) رشيد – علي أبو نعمة (مستقبل وطن)
قبل: 102 ألف
بعد: 31 ألف
ناقص 71 ألف صوت كاملين!
10) رشاد حبيب (النور)
قبل: 102 ألف
بعد: 38 ألف
اختفاء 64 ألف صوت
هذه الأرقام ليست صدفة… بل دليل على خلل حقيقي تم تصحيحه
لقد أثبتت النتائج أن هناك:
أصواتًا أُضيفت
إرادة شعبية شُوهت
مرشحين صُنِعوا إعلاميًا لا انتخابيًا
وكان لا بد من تدخل أعلى قيادة في الدولة لإعادة الأمور إلى نصابها.
سقوط “وهم السيطرة”… وصعود إرادة الناخب
دوائر 2025 أنهت مرحلة كاملة كانت بعض الأحزاب تعتبر فيها أن:
هناك دوائر “مضمونة”
هناك مرشحون “مختارون سلفًا”
هناك نتائج “جاهزة”
لكن الحقيقة ظهرت:
الصندوق الحقيقي انتصر… والصندوق الوهمي سقط.
وتدخل الرئيس لم يكن لصالح مرشح أو حزب…
بل لصالح الدولة، ولصالح استقرارها، ولصالح صورة مصر أمام العالم.
الأحزاب التي انكشفت… من شعارات دعم الدولة إلى السعي لمصالحها
هذا التدخل الرئاسي كشف حقيقة بعض الأحزاب التي:
تتحدث باسم الدولة
وتدّعي حماية الاستقرار
لكنها في الواقع تسعى لمصالحها الخاصة فقط
وتعمل ضد إرادة الشعب
وضد استقرار النظام نفسه
لقد سقطت الأقنعة، وظهر أن هذه القوى كانت تعتبر الانتخابات ملكية خاصة لا حقًا دستوريًا للشعب.
ثم جاءت المحكمة الإدارية العليا… لتكمل المشهد
المحكمة الإدارية العليا ألغت نتائج 29 دائرة كاملة.
وهو حكم غير مسبوق، أكد أن إرادة الشعب قد زُورت في بعض الأماكن، وأن التصحيح بات واجبًا وطنيًا.
المحطة الأخيرة: محكمة النقض
ما يزال أمام محكمة النقض 22 دائرة، بينها 4 دوائر في محافظة بني سويف.
ونتمنى — بل نثق — أن القضاء سيقف إلى جانب إرادة الشعب، وأن:
تُلغى العضوية حيث توجد مخالفات
ويُعاد فتح باب الترشح
ليصبح المجلس القادم ممثلًا حقيقيًا للناس… لا لمراكز النفوذ
إن ما حدث في انتخابات 2025 يمثل تحولًا جوهريًا في المسار الديمقراطي ورسالة مفادها:
أن الدولة لن تسمح بتمرير نتائج مخالفة للصندوق
وأن صوت المواطن هو الحكم
وأن الشرعية تُمنح للشعب وحده
وبذلك تبدأ مرحلة جديدة:
مرحلة احترام الصندوق، واحترام الناس، واحترام الحقيقة… مهما كانت التكاليف.
وفي النهاية — كما يقول الدستور، وكما أكدت الأحداث:
الشعب هو مصدر السلطات
وهو من يمنح الشرعية… وهو من يسقطها.











