تشهد المنطقة مؤشرات متزايدة على إعادة تموضع أميركي في الشرق الأوسط، بعد تسريبات عن خطط لبناء قاعدة عسكرية كبيرة قرب حدود قطاع غزة، في وقت تشير به مصادر إلى تعثر خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتهدف واشنطن من هذه الخطوة إلى فرض توازنات ميدانية وسياسية جديدة، تمكنها من ضبط السياسات الإسرائيلية وإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي، في ظل المنافسة المتصاعدة بين القوى الكبرى.
وكشفت “رويترز” عن توقف خطة ترامب عمليا، وأن خطة إعادة الإعمار في غزة قد تقتصر على المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
وتشير المعلومات إلى احتمال تحول ما يعرف باسم “الخط الأصفر” إلى حد فاصل فعلي يقسم القطاع إلى شطرين، شرقي وغربي، في ظل غموض حول مصير القوة متعددة الجنسيات المقررة للانتشار في القطاع.
كما طرحت تسوية عبر جاريد كوشنر صهر ترامب، لترحيل عناصر حركة حماس من رفح، إلا أن أي دولة لم توافق بعد على استقبالهم.
من جانب آخر، أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن إعادة إعمار القطاع لن تبدأ قبل نزع سلاح حماس، بينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تثبيت السيطرة الإسرائيلية على نحو 53 بالمئة من مساحة غزة، مستفيدا من الانقسام الفلسطيني، بهدف إحكام قبضته وعرقلة أي مسار نحو دولة فلسطينية مستقلة.
وفي هذا السياق، كشف موقع “شومريم” الإسرائيلي عن خطة أميركية لبناء قاعدة ضخمة داخل إسرائيل قرب حدود غزة، يمكن أن تستوعب آلاف الجنود وبتكلفة تقارب نصف مليار دولار.
ويتزامن هذا مع تقارير عن قاعدة مماثلة في سوريا، في إطار استراتيجية أميركية لإعادة التموضع العسكري وتثبيت النفوذ الإقليمي، لا لتوسيع الانتشار العسكري التقليدي.
وحول طبيعة هذه القاعدة، أوضح نائب مدير الاستخباراتي الحربية المصرية الأسبق أحمد إبراهيم لبرنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، أن المنشأة أقرب إلى “معسكر استقرار أمني” منها إلى قاعدة عسكرية تقليدية.
وأشار إلى أن تمركز القوات الإسرائيلية على “الخط الأصفر” يعكس سيطرة إسرائيل على أكثر من نصف مساحة القطاع ويمنع تنفيذ البنود المتبقية من خطة ترامب، لا سيما المتعلقة بتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد إبراهيم أن “إسرائيل تعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية وتعميق الانقسام الداخلي”، مشيرا إلى “غياب منظمة التحرير عن مؤتمر القاهرة الأخير كدليل على نجاح السياسة الإسرائيلية في تكريس الانقسام بين السلطة وحماس، بما يحقق مكاسب سياسية وميدانية لإسرائيل”.
من الناحية الاستراتيجية، أشار إبراهيم إلى أن “القاعدة الأميركية على حدود غزة ليست مجرد منشأة أمنية، بل أداة تأثير سياسي على القرار السيادي لدول الجوار، مع إمكانية استخدامها كضغط على الحكومات لتبني مواقف أميركية”.
كما ربط هذا التطور بالاجتماع الثلاثي في واشنطن بين وزراء خارجية أميركيا وتركيا وسوريا، الذي يعكس توافقا يحد من النفوذ الروسي في سوريا ويعزز السيطرة الأميركية على مناطق النفط والغاز في شرق المتوسط والبحر الأحمر.
وختم إبراهيم حديثه بالقول إن الولايات المتحدة تمضي نحو فرض ما يسمى “السلام بالقوة”، عبر تحويل الوجود العسكري إلى أداة ضغط سياسي، متزامنا مع تحالفات جديدة في المنطقة، مما قد يعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط لعقود مقبلة.
المصدر : سكاى نيوز











