بقلم : الكاتبة دكتورة ميرفت ابراهيم
تتجلى في العلاقات القطرية المصرية اليوم ملامح مرحلة جديدة من الوعي الإنساني والدبلوماسية الرحيمة، حيث أصبحت المبادرات المشتركة في مجالات التنمية والصحة والتعليم تجسيدًا حيًّا لرؤية قائدي البلدين في إعلاء قيم الإنسان أولاً، ومدّ الجسور التي توحّد لا التي تفرّق، وتبني لا التي تهدم.
وفي هذا الإطار، برزت الجهود اللافتة التي تقودها سعادة السفيرة مريم بنت علي بن ناصر المسند، سفيرة التعاون الدولي، التي كرّست رسالتها الدبلوماسية لخدمة الإنسان قبل أي شيء، مؤمنة بأن الدبلوماسية الحقيقية هي التي تزرع الأمل في حياة الآخرين. فقد كانت زيارتها الأخيرة لمستشفى السرطان في القاهرة لحظة مؤثرة حملت في طيّاتها مشاعر الأم والإنسانة قبل أن تكون مبعوثة رسمية، حيث التقت بالأطفال المرضى وقدّمت لهم الدعم النفسي والمادي، في مشهد جسّد أسمى معاني الإنسانية.

هذه المبادرة لم تكن حدثًا عابرًا، بل استمرارًا لنهجٍ قطري راسخ في تقديم العون والمساندة لكل محتاج، وهي سياسةٌ يوجّهها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، الذي جعل من العمل الإنساني ركيزة أساسية في السياسة الخارجية القطرية. كما تعكس هذه الخطوة عمق العلاقات القطرية المصرية التي تجاوزت البعد السياسي والاقتصادي، لتتجذر في البعد الإنساني والاجتماعي، من خلال تبادل المبادرات والبرامج التي ترفع من جودة حياة الإنسان العربي.

لقد مثّلت زيارة السفيرة مريم المسند لمستشفى السرطان رسالة أملٍ لكل أمٍ وأبٍ يواجهان وجع المرض مع أبنائهما، ورسالة دعمٍ لكل طبيبٍ وممرضةٍ يسهرون على راحة المرضى. كانت كلماتها للأطفال محمّلة بالحب والدعاء، ويدها الممتدة تحمل الأمل والهدايا، لتبرهن أن الدبلوماسية ليست فقط لغة بروتوكولية، بل قلب ينبض بالرحمة.

ومن الجانب المصري، لاقت المبادرة ترحيبًا واسعًا وإشادةً من الأوساط الرسمية والإعلامية، مؤكدين أن مثل هذه الزيارات تعزّز التواصل الأخوي وتدعم جهود الشفاء والرعاية الصحية. كما فتحت هذه الزيارة الباب أمام مشروعات تعاون مشترك في المجال الطبي والبحثي، ضمن إطار العلاقات الثنائية التي تشهد ازدهارًا واضحًا في السنوات الأخيرة.
تجسّد هذه اللفتة الكريمة رؤية قطر الإنسانية الشاملة، التي تؤمن بأن التنمية الحقيقية لا تكتمل إلا برعاية الإنسان، سواء كان في الدوحة أو القاهرة أو أي مكان من هذا العالم. فالعلاقات بين البلدين الشقيقين لم تعد محصورة في التبادل الدبلوماسي، بل أصبحت جسرًا من التآلف الإنساني والتكامل المجتمعي.
إن دعم سعادة السفيرة مريم بنت علي بن ناصر المسند للأطفال المصابين بالسرطان ليس مجرد عمل خيري، بل نموذج يحتذى به في الدبلوماسية المعاصرة، حيث تتلاقى المسؤولية الدولية مع الضمير الإنساني. ومن خلال هذه المواقف، ترسم قطر ومصر معًا لوحةً من الرحمة والتضامن، تؤكد أن القيم الأخلاقية ما زالت هي البوصلة التي توجه مسار العلاقات بين الشعوب.
وفي ختام المقال، لا يسعنا إلا أن نعبّر عن خالص التقدير والعرفان لسعادة السفيرة مريم بنت علي بن ناصر المسند على دورها الإنساني النبيل، وجهودها المتواصلة في خدمة الإنسان والمجتمع، تجسيدًا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر المفدى، الذي جعل من العطاء والعمل الإنساني نهجًا ثابتًا ورسالةً خالدة لدولة قطر في الداخل والخارج.
⸻