كتبت: فاطمة بدوى
القى ملك إسبانيا فيليبي السادس كلمة إلى الجالية الإسبانية خلال زيارته الحالية لمصر
وجاء فى نص الكلمة :
أشكركم جزيل الشكر من أعماق قلبي على انضمامكم إلينا هذا المساء وعلى هذا الترحيب الحار في زيارتنا الرسمية الأولى إلى مصر، والتي تُعد أيضًا أول زيارة لنا إلى المنطقة.
وقد استهللنا برنامج الزيارة فور وصولنا، قبل قليل، بهذا اللقاء، الذي يُعدّ، بالنسبة للملكة ولي، لقاءً مميزًا دائمًا: فهو يتيح لنا الالتقاء بكم والاستماع إلى تجاربكم، أو رؤيتكم الفريدة لهذا البلد العظيم، وإمكاناته، وتحدياته، وفرصنا كإسبان نحو مستقبله. كما نُقدّر كرمكم والتزامكم بالحفاظ على الروابط مع إسبانيا.
ولا يسعنا ونحن نجتمع اليوم، إلا أن نتذكر الرحالة والعلماء الإسبان الذين وفدوا في الماضي إلى هذه الأرض ذات الحضارة العريقة، والدبلوماسيين والمؤرخين في القرن التاسع عشر الذين تقاربوا معها بتقدير واحترام.
هذه السمات نفسها جمعت شخصياتٍ ساهمت في تشكيل ثقافتنا أمثال مينينديث بيدال، وجريجوريو مارانيون، وسوليداد أورتيجا، وجاومي فيسينس فيفيس، وإيسابيل جارثيا لوركا، الذين زاروا مصر ووجهاتٍ أخرى من البحر الأبيض المتوسط منذ عام ١٩٣٣، وعادوا إلى إسبانيا وقد تغيّرت حياتهم جذريًا. وقد استحضرها خوليان مارياس لاحقًا في كتابه “مذكرات من رحلة إلى الشرق”.
إن وجودكم هنا يعكس ثراء علاقاتنا الثنائية ويمثل شهادة على المودة التي يكنها المصريون لإسبانيا بفضل عملكم اليومي في نشر والترويج لأفضل ما في بلادنا.
ترافقونا اليوم:
• رجال أعمال تعملون في مشروعات البنية التحتية الكبرى وتعززون العلاقات التجارية المستقرة، وتسهمون في خلق أنشطة ووظائف وفرص في مصر.
• علماء آثار، ومصريات، تعملون منذ نحو ست عقود مع نظرائكم المصريين في حفائر تحظى بتقدير عالمي، مسلطين الضوء على تراث تاريخي فريد من نوعه ومحافظين على إرث مشترك للإنسانية.
• معلمو اللغة الإسبانية، ومعظمهم في معهدي ثربانتيس في القاهرة والإسكندرية، وهما من أكبر المعاهد في العالم من حيث عدد الطلاب.
• المستعربون والباحثون والعلماء والمحاضرون بالجامعات المصرية.
• موظفو ومتطوعو المنظمات غير الحكومية الإسبانية الذين يقومون، بالتعاون مع الشركاء المحليين، بأعمال أساسية.
• الصحفيون الذين، من خلال عملكم، تسلطون الضوء على الأحداث في مصر الجارية من منظور إسباني.
• وأخيراً، الموظفون الحكوميون، وموظفو سفارتنا ومكاتبها الاستشارية والملحقيات والمكاتب، الذين يساهم عملهم في بناء علاقات غنية ومكثفة على نحو متزايد.
إنكم أكثر من ستمائة مسجلين، أيها الإسبان، الذين يعيشون في هذا البلد الرائع مع عائلاتهم، وكثير منكم تمتد إقامتهم لعقود. نعرب لكم جميعًا، والملكة أنا، عن تقديرنا وامتناننا لمساهمتكم القيّمة في تعزيز التفاهم بين شعبينا، وهو تفاهم تعزز هذا العام برفع علاقاتنا الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مما يعكس متانة الروابط بين إسبانيا ومصر.
تأتي هذه الزيارة في ظروف متوترة ومأسوية تمر بها للمنطقة. وندرك، والملكة وأنا مدى عدم اليقين الذي يكتنف الوضع الإقليمي المعقد وغير المستقر، ولذلك نود أن نعبر لكم، عن دعمنا وقربنا منكم، وكذلك قرب أبناء وطنكم منكم أيضاً.
في مثل هذا السيناريو، تتشاطر إسبانيا ومصر رغبةً راسخةً في التعايش السلمي والحوار والمصالحة في الشرق الأوسط، بما يُتيح في النهاية بيئةً مستقرةً لتنمية الشعوب بكرامة وعدل. يبدو الأمر في الوقت الحالي ضربًا من الخيال، ولكنه لا بد أن يكون ممكنًا، وعلينا جميعًا أن نساهم في تحقيقه.
إن الحلقة الأخيرة من هذا الصراع، والتي اندلعت بسبب الهجوم الإرهابي الوحشي على إسرائيل قبل نحو عامين، امتد أثرها بعيدا للغاية وأدت إلى رد فعل أسفر عن سقوط عدد لا يحصى من الضحايا، وتدهور الوضع إلى أزمة إنسانية لا تحتمل، ومعاناة لا توصف لمئات الآلاف من الأبرياء، وتدمير غزة بالكامل.
يمضي بلدانا معاً سعياً من أجل السلام الدائم والشجاع، مثلما كان يوصف في سنوات الأمل تلك من حقبة التسعينيات من القرن الماضي.
أشكركم جميعاً مجدداً على حفاوة الاستقبال. يسعدنا كثيرا تشارك هذا اللقاء معكم كما نتمنى لكم من أعماق قلوبنا أقصى نجاح على المستويين العملي والشخصي. نحن على قناعة بأنكم تقدمون من خلال عملكم اليومي الدؤوب إسهاماً قيّماً في تعزيز العلاقات بين إسبانيا ومصر. ونأمل أننا من خلال هذه الزيارة نسهم في تعزيز هذه العلاقة لما فيه مصلحة شعبينا.











