• من نحن
  • سياسة الخصوصية
  • سياسة النشر
  • تواصل معنا
جريدة الخبر اليوم، جريدة مصرية مستقلة

رئيس مجلس الإدارة

ياسر عطية

رئيس التحرير

محمد محفوظ

لا توجد نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الرئيسية
  • حوادث
  • سياسة محلية
  • سياسة عالمية
  • تحقيقات وتقارير
  • شئون عربية
  • اخبار العالم
  • فن
  • رياضة
  • اقتصاد
  • الصحة
  • اخبار المحافظات
  • التعليم
  • المزيد
    • المرأة والطفل
    • اخبار البرلمان
    • اخبار متنوعة
    • دنيا ودين
    • وثائقية
    • اراء ومقالات
  • الرئيسية
  • حوادث
  • سياسة محلية
  • سياسة عالمية
  • تحقيقات وتقارير
  • شئون عربية
  • اخبار العالم
  • فن
  • رياضة
  • اقتصاد
  • الصحة
  • اخبار المحافظات
  • التعليم
  • المزيد
    • المرأة والطفل
    • اخبار البرلمان
    • اخبار متنوعة
    • دنيا ودين
    • وثائقية
    • اراء ومقالات
لا توجد نتيجة
عرض جميع النتائج
جريدة الخبر اليوم، جريدة مصرية مستقلة
لا توجد نتيجة
عرض جميع النتائج
ترويسة الموقع
رئيس مجلس الإدارة
ياسر عطية
رئيس التحرير
محمد محفوظ

دراسة لرئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستانبعنوان : القواسم المشتركة في الأديان وأثر التجارب الواقعية في تعزيز السلام

كتب admin
2025/08/22
دراسة لرئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستانبعنوان : القواسم المشتركة في الأديان وأثر التجارب الواقعية في تعزيز السلام
Share on FacebookShare on Twitter

كتبت: فاطمة بدوى

قام الأستاذ الدكتور/أحمد حسين محمد إبراهيم
أستاذ المذاهب ومقارنة الأديان
والعميد السابق لكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة
ورئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية (نور- مبارك)

بعمل دراسة تحليلية

جاء نصها :

الحمد لله الذي خلق الإنسان وكرّمه، وأودع فيه روحًا تهفو إلى الخير، وفطرة تميل إلى التراحم والتعايش، والصلاة والسلام على من جاء رحمة للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين… أما بعد؛
فلقد خلق الله البشر شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، ويتقاربوا، لا ليختلفوا أو يتنازعوا، ورسَّخ في أعماقهم قيمًا تتجاوز الانتماءات والحدود، لم تأت وليدة الصدفة أو نتاجًا لثقافة بعينها، بل جاءت كجذور ضاربة في أعماق الأديان الكبرى، التي نادت جميعها بكرامة الإنسان، ووحدة المصير الإنساني، وضرورة التعاون في سبيل الحق والخير والعدل.
والبشرية اليوم تعيش مرحلةً من التحوّلات المتسارعة، تتداخل فيها الأزمات السياسية والصراعات الثقافية والدينية، ما يجعل قضية السلام حاجةً إنسانية مُلحّة تتجاوز الأطر السياسية لتغوص في عمق الوجدان الديني والقيمي للأمم.
ورغم اختلاف الأديان في أصولها العقدية وتصوراتها الكونية، فإنّها تلتقي على عدد من القواسم الإنسانية التي تُشكّل أرضيةً مشتركة للتعايش الإنساني العادل، مثل: الكرامة، والعدل، والرحمة، والتسامح، والحرية، والسعي إلى الخير العام.
وإذ تتعدّد التجارب الواقعية التي جسّدت أثر هذه القواسم في بناء السلم الأهلي بين أتباع الأديان، فإن تحليل هذه القيم ومظاهر تفعيلها في السياقات الاجتماعية المختلفة يُمثّل خطوة أساسية نحو بناء خطاب ديني عالمي أكثر إنسانية، وأقدر على المساهمة في تجاوز العنف والكراهية.

المحور الأول: الإطار المفاهيمي والنظري.

تهدف الدراسة إلى: تحليل القيم الإنسانية المشتركة التي تتضمنها الأديان السماوية والوضعية، والكشف عن إمكانات توظيف هذه القيم في بناء السلم الأهلي وتعزيز التعايش، ودراسة أثر النماذج الواقعية التي تجسّد هذه القواسم في بيئات متعددة دينيًا.
وتنبع أهمية الدراسة من كونها: تُسهم في إعادة توجيه الخطاب الديني نحو المشتركات الإنسانية الكبرى، وتفتح المجال أمام الاجتهاد في تأصيل ثقافة السلام من داخل المنظومات الدينية المختلفة، كما أنها تقدم نموذجًا لتحليل واقعي يربط بين النص الديني والتجربة الاجتماعية في إطار متّزن بعيدًا عن المقارنات العقائدية أو السياسية.
منهج البحث: تعتمد هذه الورقة على المنهج التحليلي التأصيلي، وذلك من خلال: تتبّع المفاهيم الإنسانية في النصوص الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل، الفيدا، الداما بادا… وغيرها)، وتحليل مضامين التجارب الواقعية المتعلّقة بالتعايش والسلام ذات الأساس الديني. وكذلك الاستعانة ببعض المصادر الأكاديمية (دراسات الأديان، الفلسفة الدينية، علم الاجتماع الديني، العلوم السياسية).
حدود الدراسة: تمثلت الحدود الموضوعية للدراسة في: تحليل القواسم الأخلاقية والإنسانية دون الدخول في تفاصيل عقائدية أو طقسية.

والحدود الزمانية: النماذج الواقعية في القرن العشرين والواحد والعشرين.
والحدود المكانية: تجارب واقعية في بيئات متنوعة.
تقسيم الدراسة: قسمت الموضوع إلى مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة وقائمة بالمراجع:
مقدمة: مدخل للموضوع.
المحور الأول: الإطار المفاهيمي والنظري.
المحور الثاني: القواسم الإنسانية المشتركة في الأديان
المحور الثالث: التجارب الواقعية وأثرها في تعزيز السلم
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات
قائمة المراجع: وفيها أهم المصادر التي اعتمدت عليها

المحور الثاني: القواسم الإنسانية المشتركة في الأديان

  1. كرامة الإنسان: تمثّل كرامة الإنسان محورًا جوهريًا في البنية الأخلاقية لجميع الأديان، حيث تتفق الرسالات السماوية والديانات الوضعية على أن الإنسان كائن مكرّم في ذاته، مستقل في اختياره، مستحقّ للحقوق التي تصون وجوده وفعله.
    ففي الدين الإسلامي: يقول الله -تعالى-: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وهذه الآية تقرّر التكريم الإلهي للإنسان من حيث هو إنسان، دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه، وتُعدّ أصلًا في فلسفة الحقوق والواجبات.
    وفي المسيحية: يؤكّد العهد الجديد أن الإنسان “خُلق على صورة الله” (سفر التكوين 1: 27)، وهي عبارة تعكس القيمة الوجودية للإنسان وقداسته الجوهرية، بما يستتبع احترام حريته وحقوقه.
    وفي اليهودية: تتكرّر فكرة الخلق الإلهي للإنسان وما يستتبعه من واجب رعاية الآخر، كما في نص: “من أنقذ نفسًا فكأنما أنقذ العالم كله” (المشنا، سانهدريم 4:5).
    أما في البوذية: فيُعتبر الإنسان القادر على التمييز الأخلاقي أرقى الكائنات، وهو وحده المؤهَّل لبلوغ النرفانا، ما يجعل احترام حياته وكرامته فرضًا أخلاقيًا (Dhammapada, v. 183).
    وفي الهندوسية: تُعدّ النفس امتدادًا للإله، مما يجعل لكل إنسان قيمة مقدّسة ينبغي صونها، ويُعدّ التعدّي عليها اعتداءً على الكون ذاته. (الدكتور أحمد شلبي، 2000: أديان الهند الكبرى، مكتبة النهضة المصرية).
    وكذلك في الزرادشتية: تُبجَّل النفس البشرية باعتبارها مخلوقة من الإله أهورا مزدا (Ahura Mazda)، وقد خُيّرت بين الخير والشر، ما يجعل لها كرامة تستوجب الاحترام. جاء فيها: “ليختر كلٌّ بعقله الطريق الذي يراه صالحًا، لأن الإنسان كائن مسؤول ومكرّم بالاختيار” (ياسنا 30).
    ونلاحظ أن: الكرامة في هذه الأديان لا تُمنح لاعتبارات طبقية أو عقدية، بل تُفهم كحقّ فطري ثابت، وهي الأساس لكل تشريع يحترم الإنسان، كما تُعدّ منطلقًا لمناهضة العبودية، التمييز، والاضطهاد.
  2. الرحمة والتراحم: الرحمة ليست فقط خلقًا محمودًا في منظومات الأديان، بل تُعدّ صفة إلهية أصيلة تنعكس في سلوك المؤمن وتعامله مع الخَلق.
    ففي الإسلام: تبدأ أعظم سورة فيه بالبسملة: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴾، وقد وصف الله نبيّه بقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
    والمسيحية: تضع الرحمة في جوهر رسالة المسيح عليه السلام، الذي قال: “طوبى للرحماء، فإنهم يُرحمون” (متّى 5:7)، وعلّم أتباعه محبة الأعداء ومغفرة المعتدين، وكذلك اليهودية: تجعل من الرحمة إحدى الصفات الثلاث للإله في التوراة (سفر الخروج 34:6)، وتحث على الإحسان إلى الضعفاء والغرباء.
    وفي البوذية: الرحمة (karuṇā) إحدى الفضائل الأربع غير المحدودة، وهي حجر الزاوية في الطريق الروحي نحو النرفانا. (داميان كيون، ترجمة صفية مختار: 2016، البوذية مقدمة قصيرة جدا، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة).
    وفي الهندوسية: يظهر مفهوم الرحمة في النداء إلى أهيمسا (Ahimsa) أي اللاعنف، والتي تعني احترام الحياة جميعها والرفق بالمخلوقات. (Seyed Mostafa Mostafavi، “Ahimsa”: كلية الدراسات العالمية، جامعة طهران، 08/08/1391)
    وفي الزرادشتية: الرحمة من صفات أهورا مزدا، وهي تظهر في واجب العدل والإحسان تجاه الفقراء والمظلومين. وتؤكد “ڤينديداد” (Vendidad) على حسن المعاملة، وإغاثة الغريب، ومواساة الضعفاء. كما يُعدّ فعل الخير (spenta) ركنًا من أركان الحياة الروحية. (الدكتور جمشيد يوسفي، 2012: الزرادشتية الديانة والطقوس والتحولات اللاحقة، دار الوسام العربي).
    يتضح لنا من العرض السابق: أن الرحمة، في جميع الأديان، لا تقتصر على الموقف الشخصي، بل تتحوّل إلى واجب جماعي ومؤسسي، يظهر في إغاثة المحتاج، إيواء الغريب، مساندة الضعيف، وتجنّب الإيذاء اللفظي والمعنوي، ما يُسهم في بناء مناخ إنساني مفعم بالتعاطف والتكافل.
  3. العدل: العدل في جميع الأديان يُعدّ مبدأً تأسيسيًا، لا تستقيم الحياة البشرية بدونه، ولا يتحقق السلام إلا به. وهو يتجاوز المفهوم القضائي إلى كونه قيمة روحية.
    ففي الإسلام: العدل من مقاصد الشريعة، وقد أمر الله به صراحةً: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ [النحل: 90]، وجعل إقامة القسط بين الناس مهمة الأنبياء: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25].
    وفي المسيحية: يظهر العدل في تعليم المسيح وتحذيره من التمييز بين الناس، ويقول الإنجيل: “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون… تركتم أثقل الناموس: العدل والرحمة والإيمان” (متى 23: 23).
    وفي اليهودية: العدل واجب ديني، يتجلى في وصايا التوراة: “العدل، العدل تتبع لكي تحيا” (تثنية 16: 20)، ويُعدّ من صفات الله الأساسية.
    ونجد في البوذية: أن العدل يُترجم في “القانون الكوني” (Dhamma)، الذي يضمن انسجام الكون إذا احترم الإنسان الصدق والإنصاف في أفعاله. والملك العادل (Chakravarti) هو نموذج الحاكم الذي يحقق التوازن بين السلطة والفضيلة (دراسات علمية في فلسفة البوذية).
    أما الهندوسية: فيظهر العدل في مبدأ دارما (Dharma)، أي النظام الأخلاقي الذي يحكم تصرّف الإنسان وعلاقته بالآخرين والكون (كتب الفلسفة الهندوسية).
    وفي الزرادشتية: يُعدّ العدل (asha) أحد المبادئ الكبرى، وهو النظام الكوني والأخلاقي الذي أوجده “أهورا مزدا”. العدل هنا هو الحق، وهو يُقابِل الكذب والظلم (druj)، ويُلزم الإنسان بإقامة القسط في معاملاته (موسوعة Zoroastrian theology).
    ونلاحظ أن العدل في كل هذه التقاليد، ليس خيارًا، بل واجب ديني يضمن السلام الاجتماعي، وغيابه هو أصل الطغيان والفساد. وتكمن عظمة هذا المفهوم في شموله: عدل مع النفس، والآخر، وحتى مع المخالف والعدو.
  4. السلام: السلام مبدأ ديني عميق؛ فجميع الأديان تدعو إلى تحقيقه، ليس فقط بين الأمم، بل في نفس الإنسان وعلاقاته اليومية.
    ففي الإسلام: السلام اسم من أسماء الله، وتحيتُه بين المؤمنين: السلام عليكم، ورسالة الأنبياء قائمة على السلم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: 208].
    وفي المسيحية: السلام هو رسالة المسيح: “طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعون” (متّى 5:9).  ويختم بولس رسائله بتحية: “نعمة لكم وسلام من الله الآب”، ونجد في اليهودية، أن كلمة “شالوم” (שלום) تعني السلام، وتُستخدم كتحية، وكرؤية لمجيء زمن المساواة بين الأمم (إشعياء 2:4).
    وفي البوذية: السلام الداخلي (nirvana) هو الهدف الأعلى، ولا يتحقق إلا بتجاوز الكراهية والطمع، ويحث بوذا على “اللاعنف الكامل” كطريق لتحرير النفس والعالم. (تعاليم بوذا).
    وفي الهندوسية: يظهر السلام في مفهوم شنتي (Shanti) المتكرر في صلواتهم: “شنتي، شنتي، شنتي” – أي سلام داخلي وخارجي وكلي. (نصوص اليوغا والفيشنو).
    وفي الزرادشتية: السلام مطلوب عبر “القول الصالح والفعل الصالح والفكر الصالح”، وهي ثلاثية تُكوّن أساس الحياة الفاضلة التي تثمر وئامًا وسلامًا مع النفس والكون. (فلسفة Zoroastrianism وReddit discussions حول Humata, Hukhta, Huvarshta) .
    إذن فالسلام في جميع الأديان هو ثمرة التقوى، ولا يمكن فصله عن الأخلاق. وهو شرطٌ أساسي للتدين الحق؛ حيث لا عبادة مع عنف، ولا تقرّب إلى الله مع إيذاء خلقه.
  5. المسؤولية الأخلاقية: تتفق الأديان على تحميل الإنسان مسؤولية قراراته، وأنه ليس كائنًا مفعولًا به، بل فاعلٌ في صناعة الخير أو الشر. وهذه المسؤولية فردية ومجتمعية.
    فنجد في الإسلام، أن المسؤولية أصل قرآني؛ يقول الله -عز وجل-: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: 38]، ويقول ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». (صحيح البخاري – ط التأصيل حديث رقم (903))
    وفي المسيحية: كل شخص مسؤول عن محبته وسلوكه، ويُحاسب على كل كلمة، كما في قول المسيح: “من قال لأخيه: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم” (متى 5:22)
    وفي اليهودية: نلاحظ أن المسؤولية الفردية مكرّسة في وصايا العهد، ويُحاسب كل شخص على خروجه عن الشريعة. (نصوص التوراة ورواياتها اليهودية)
    أما في البوذية: فالكارما (karma) تُجسّد قانون المسؤولية التامة: كل فعل يولّد أثرًا، والأفعال الخيّرة تُثمر سلامًا. (فلسفة الكارما البوذية).
    وفي الهندوسية: الإنسان مسؤول عن التزامه بالدارما، ومصيره في التناسخ يتحدد بناءً على أعماله في الحياة. (الأوبنشاد والدارما شاسترا).
    وفي الزرادشتية: يُنظر إلى الإنسان ككائن حرّ الإرادة، مسؤول عن خياره بين الخير والشر. وتُشدد نصوص الأڤيستا على محاسبة النفس، وعلى أن الحقيقة تُعرف بالعقل والفعل، لا بالوراثة أو الشكل. (Reddit حول “Good Thoughts, Words, Deeds” وVohu Manah concept)
    يظهر جليًا مما سبق أن جميع الأديان تُقدّم الإنسان ككائن مُكلّف، لا مجرد تابع، وهذه المسؤولية تعني وجوب الإسهام في إصلاح العالم، والدفاع عن الحق، وصناعة الرحمة والعدل. وهي بذلك تتقاطع مع منظومة (الأخلاق الكونية).

المحور الثالث: أثر التجارب الواقعية في تعزيز السلام
إن أغلب التجارب الواقعية في هذا الصدد ترتكز على القواسم الإنسانية المشتركة في الأديان. ويُظهر تحليلها أن حضور هذه القيم في السلوك الجمعي والمؤسسي يعزز فرص التفاهم والتعاون، ويفتح آفاقًا للتصالح المجتمعي.
(1 كرامة الإنسان: حجر الأساس في المصالحة المجتمعية
كل تجربة واقعية ناجحة في فض النزاعات الدينية أو بناء جسور التفاهم، انطلقت من مبدأ احترام الإنسان لذاته ولغيره، بغض النظر عن الخلفية الدينية.
▪ تجربة في مصر: مثّل التكافل الشعبي بين المسلمين والمسيحيين في لحظات الأزمات (كحادثة تفجير الكنائس أو الكوارث الطبيعية) نموذجًا يُبرز كيف أن شعور الجماعة بكرامة الآخر يسبق الانتماء الديني، ويخلق مناخًا داعمًا للسلام (عبد العليم، 2020: التعايش الديني في مصر المعاصرة، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية).
وهذا التكافل يُرسّخ ثقافة الاحترام المتبادل، ويمنع تحوّل الحوادث الفردية إلى صراعات طائفية. فحين يشعر كل طرف أن الآخر يُقدّره كإنسان، تتقلص فرص الانقسام، ويترسخ السلم كموقف جماعي تلقائي لا يحتاج لتدخل سلطوي.
▪ تجربة في رواندا: عقب الإبادة الجماعية، تم بناء مسارات “عدالة ترميمية” داخل الكنائس والمساجد، ترتكز على الاعتراف بإنسانية الآخر، ما أعاد للمجتمع تماسكه. (Clark, 2010, The Gacaca Courts, Post-Genocide Justice and Reconciliation in Rwanda, Cambridge University Press).
فالاعتراف العلني بكرامة الضحايا والجناة ساعد في ترميم الجروح النفسية والجماعية، مما جنّب البلاد موجات انتقامية جديدة. ويؤكد ذلك أن استعادة السلم في مجتمع مجروح لا تتم إلا بإعادة الاعتبار للإنسان، لا باعتزال الذاكرة أو إنكار الماضي.
(2 الرحمة: قوة ناعمة لصناعة السلم الأهلي
الرحمة تتجاوز الإحسان الفردي، لتصبح منهجًا مؤسسيًا في المصالحة.
▪ تجربة في جنوب إفريقيا: اعتمدت لجنة الحقيقة والمصالحة نهجًا قائمًا على الاعتراف والصفح، لا على العقاب، مستندةً إلى مفاهيم الرحمة المتجذرة في الديانات الثلاث الرئيسية في البلاد (المسيحية والإسلام والهندوسية). (Tutu, 1999, No Future Without Forgiveness, Doubleday).
الرحمة هنا لم تكن عاطفة فردية، بل أداة سياسية وأخلاقية لاستعادة الثقة بين المكوّنات المجتمعية، مما منع تفكك الدولة بعد نهاية نظام الفصل العنصري، ورسّخ سلمًا أهليًا قائمًا على التفاهم بدل الثأر.
▪ تجربة في مبادرات مصرية محلية: مثل: بيت العائلة المصرية، يُلاحظ اعتماد خطاب الرحمة والتعاطف في معالجة النزاعات الطائفية، وتغليب منطق التسامح على الثأر. (الطيب، 2016: خطاب التسامح في بيت العائلة المصرية، مجمع البحوث الإسلامية).
فاعتماد خطاب الرحمة في هذه التجربة سهّل امتصاص الغضب الشعبي في أعقاب الأحداث الطائفية، وأبقى قنوات الحوار مفتوحة. وقد ساعد ذلك على تهدئة التوترات دون اللجوء إلى العنف، مما أسهم في تثبيت حالة من السلم المجتمعي المستقر.
3) العدل: ضمانة دائمة للاستقرار والسلام
العدل لا يُقصد به فقط القوانين، بل شعور الأفراد بأنهم متساوون في الحقوق والفرص.
▪ تجربة في لبنان: أثبتت بعض المبادرات المدنية في مناطق التعدد الطائفي أن المجتمعات التي يتساوى فيها المواطنون في الوصول إلى الموارد والخدمات – بغض النظر عن دينهم – تكون أقل عرضة للتوتر الديني. (Salam, 2012, Civil Peace and the State in Lebanon, Carnegie Middle East Center).
فشعور الأفراد بأنهم متساوون أمام القانون وفي توزيع الفرص، يحدّ من نزعات الاحتجاج الديني أو الطائفي، ويقلل من فرص استغلال الدين كأداة للتمرد أو المطالبة بالامتيازات. وهذا يخلق بيئة سياسية واجتماعية آمنة للسلم.
▪ في تجارب المجتمعات الأفريقية التقليدية: كانت المحاكم المجتمعية تُمثّل أطراف النزاع من مختلف الأديان، وتُراعي العدالة التصالحية بدلًا من العقوبة، ما عزز ثقافة القبول المتبادل. (Huyse & Salter, 2008, Traditional Justice and Reconciliation after Violent Conflict, IDEA).
يتضح من ذلك أن العدالة التصالحية تُشرك الأطراف في الحل، وتُشعرهم بالإنصاف، ما يحوّل السلم من نتيجة مفروضة إلى اختيار جماعي نابع من الإرادة المجتمعية، ويمنع تكرار النزاعات
4) السلام: نتاج تراكمي لقيم روحية
السلام ليس قرارًا سياسيًا فقط، بل هو نتيجة لتربية طويلة على القيم الروحية التي ترفض العنف.
▪ تجربة في مبادرات (الأديان من أجل السلام) العالمية: يُلاحظ أن بناء خطاب ديني مشترك حول نبذ العنف واعتماد السلم كقاعدة، ساهم في الحد من الصراعات في مناطق مثل ميانمار ونيجيريا. (Appleby, 2000, The Ambivalence of the Sacred: Religion, Violence, and Reconciliation, Rowman & Littlefield).
هذا التوافق الروحي بين الأديان أعاد ضبط علاقة الدين بالواقع السياسي، فبدل أن يكون الدين مبررًا للعنف، أصبح مصدرًا مشتركًا للتهدئة. وبذلك تحوّلت المرجعية الدينية إلى أداة بناء لا هدم.
▪ تجربة في مصر: تشير النماذج المحلية إلى أن السلام بين المسلمين والمسيحيين لم يكن نتيجة اتفاقات رسمية، بل نتاج تربية جماعية على التسامح والمشاركة الحياتية. (إبراهيم، 2023: التعايش السلمي في مصر: شهادات ونماذج، مركز الأهرام للدراسات السياسية).
نلاحظ أنّ التربية اليومية على التعايش والمشاركة في مصر خلقت من السلام عادة مجتمعية لا تتأثر بالتقلبات السياسية أو الإعلامية. وهذا يضفي على السلم طابعًا مستدامًا، ويجعله نابعًا من وجدان الناس، لا مفروضًا عليهم من الخارج.
5) المسؤولية الأخلاقية: دور الفرد في صون التعايش
تعزيز السلام لا يكون بقرارات عليا فقط، بل بمسؤولية الأفراد في السلوك اليومي.
▪ تجربة في مبادرات تعليمية بمدارس الأحياء المختلطة دينيًا: أظهرت نتائج واضحة على قدرة الشباب على كسر الصور النمطية، وتبني لغة الحوار، حين يُربّون على مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه شركائهم في الوطن. (UNESCO, 2019, Learning to Live Together: Education Policies in Multicultural Contexts).
حين يتحول السلم إلى قيمة شخصية يتبناها الفرد في علاقته بزملائه المختلفين دينيًا، تنتفي الحواجز النفسية، وتُبنى جسور التفاهم باكرًا. ويصبح التعايش ممارسة تلقائية لا تحتاج إلى تدخّل خارجي مستمر.
▪ مبادرات إعلامية كحملات (مصر لكل المصريين): وضعت الفرد موضع المسؤول، وقدّمت صورًا حقيقية عن تعايش رجال دين ومواطنين عاديين، ما ساهم في بناء وعي جماهيري حامٍ للسلام. (عبد السلام، 2021: دور الإعلام في تعزيز التعايش الديني في مصر، الهيئة العامة للاستعلامات).
هذه الحملات نقلت التعايش من كونه شأنًا نخبويًا أو مؤسسيًا إلى كونه سلوكًا فرديًا مسؤولًا، مما وسّع قاعدة حماة السلم في المجتمع، وجعل كل مواطن شريكًا في صيانته.
ومن خلال عرض التجارب الواقعية السابقة ثبت أن التعاون بين القيادات الدينية، والزعامات الروحية، يمكن أن يسهم في إطفاء نار الفتن، ودرء خطاب الكراهية، وتقديم خطاب إنساني جامع.

ShareTweetShareSendShareSend

موضوعات متعلقة

جامعة السويس تحتضن مهرجان “طرب” الأول للموسيقى والغناء لمنتخبات الجامعات والمعاهد المصرية
التعليم

وزير التعليم العالي يوجه بحل مشكلة الطالبة عائشة أحمد وإتاحة إعادة ترتيب رغباتها عبر موقع التنسيق

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
رئيس جامعة جنوب الوادي يتفقد حاضنة الأعمال الجاري إنشاؤها بالتعاون مع مؤسسة “إنروت”
التعليم

رئيس جامعة جنوب الوادي يتفقد حاضنة الأعمال الجاري إنشاؤها بالتعاون مع مؤسسة “إنروت”

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
القوات المسلحة تقبل دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراة للعمل كضباط مكلفين
التعليم

القوات المسلحة تقبل دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراة للعمل كضباط مكلفين

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
لجنه متخصصه من المجلس الأعلى للجامعات الأهلية تتفقد إمكانات جامعة مدينة السادات الأهلية
التعليم

لجنه متخصصه من المجلس الأعلى للجامعات الأهلية تتفقد إمكانات جامعة مدينة السادات الأهلية

الخميس, أغسطس 21 أغسطس, 2025
رئيس جامعةالمنوفية يعقد إجتماع مجلس العمداء “اون لاين “
التعليم

رئيس جامعةالمنوفية يعقد إجتماع مجلس العمداء “اون لاين “

الخميس, أغسطس 21 أغسطس, 2025
رئيس جامعة المنوفية يتراس إجتماع لجنة إختيار عميد كلية الهندسة الإلكترونية
التعليم

رئيس جامعة المنوفية يتراس إجتماع لجنة إختيار عميد كلية الهندسة الإلكترونية

الأربعاء, أغسطس 20 أغسطس, 2025

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اختارنا لك

جامعة السويس تحتضن مهرجان “طرب” الأول للموسيقى والغناء لمنتخبات الجامعات والمعاهد المصرية
التعليم

وزير التعليم العالي يوجه بحل مشكلة الطالبة عائشة أحمد وإتاحة إعادة ترتيب رغباتها عبر موقع التنسيق

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
مادورو يندد بنشر سفن حربية أمريكية قبالة سواحل بلاده
اخبار العالم

مادورو يندد بنشر سفن حربية أمريكية قبالة سواحل بلاده

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
وصول شحنة إغاثة باكستانية لغزة إلى مطار العريش الدولي
شئون عربية

وصول شحنة إغاثة باكستانية لغزة إلى مطار العريش الدولي

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025
مكة المكرمة تحظي بمشروع “سفينة النور” لإعادة صياغة مفهوم الفخامة الروحانية
دنيا ودين

مكة المكرمة تحظي بمشروع “سفينة النور” لإعادة صياغة مفهوم الفخامة الروحانية

السبت, أغسطس 23 أغسطس, 2025

جريدة الخبر اليوم – موقع إخباري مصري مستقل يغطي الأخبار المحلية والدولية، السياسة، الاقتصاد، الرياضة، المجتمع والثقافة بشكل سريع وموثوق.

خريطة الموقع

تابعونا علي مواقع التواصل الاجتماعي

  • من نحن
  • سياسة الخصوصية
  • سياسة النشر
  • تواصل معنا

جميع حقوق النشر والطباعة محفوظة لجريدة الخبر اليوم - تطوير Khaled Nour - بالتعاون مع Site Sleek

لا توجد نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الرئيسية
  • حوادث
  • سياسة محلية
  • سياسة عالمية
  • تحقيقات وتقارير
  • شئون عربية
  • اخبار العالم
  • فن
  • رياضة
  • اقتصاد
  • الصحة
  • اخبار المحافظات
  • التعليم
  • المزيد
    • المرأة والطفل
    • اخبار البرلمان
    • اخبار متنوعة
    • دنيا ودين
    • وثائقية
    • اراء ومقالات

جميع حقوق النشر والطباعة محفوظة لجريدة الخبر اليوم - تطوير Khaled Nour - بالتعاون مع Site Sleek