كتبت: علياء الهواري
في مساء الإثنين 12 أغسطس 2025، أطل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة i24News بخطاب وصفه مراقبون بأنه الأخطر منذ بداية الحرب على غزة، حيث أعلن تمسكه بما سماه “المهمة التاريخية والروحية” لتحقيق ما أطلق عليه “رؤية إسرائيل الكبرى” أو Greater Israel، في إشارة واضحة إلى مشروع توسعي يتجاوز حدود فلسطين المحتلة إلى مناطق أوسع في المنطقة.
تصريحات توسعية واستفزازية
قال نتنياهو إنه يشعر بـ”ارتباط عميق جدًا” برؤية إسرائيل الكبرى، مؤكدًا أن هذا المشروع ليس مجرد سياسة حكومية، بل مهمة دينية وتاريخية “أؤمن أنني وُجدت لتحقيقها”، على حد تعبيره.
التصريحات، التي حملت أبعادًا أيديولوجية ودينية، اعتبرها محللون رسالة واضحة بأن الاحتلال ماضٍ في مشروعه الاستيطاني والتوسعي، بعيدًا عن أي التزامات بالاتفاقيات الدولية أو حدود معترف بها.
في نفس الخطاب، أعلن نتنياهو أن حكومته ستسمح للفلسطينيين بمغادرة قطاع غزة “طوعًا”، بالتزامن مع التحضير لمرحلة عسكرية أوسع ضد ما تبقى من معاقل المقاومة في غزة، خاصة في مدينة غزة ومحيطها.
ورغم استخدامه لفظ “طوعي”، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس سياسة التهجير القسري المغلف، خاصة في ظل الحصار الخانق والقصف المستمر الذي يدفع المدنيين لمغادرة مناطقهم
أعاد نتنياهو التأكيد على أهدافه العسكرية في غزة، محددًا خمسة محاور رئيسية:
القضاء على قدرات حماس العسكرية.
إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين.
نزع السلاح من قطاع غزة بالكامل.
الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
إنشاء إدارة مدنية غير إسرائيلية تدير شؤون القطاع.
وأكد أن الجيش بدأ الاستعدادات لـ”الدفعة النهائية” للسيطرة على ما وصفه بـ”الجيوب الأخيرة لحماس”، وسط تحذيرات من خبراء عسكريين إسرائيليين من تحول هذه العملية إلى “فيتنام إسرائيلية” تستنزف الجيش والمجتمع.
أثارت تصريحات نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى” موجة غضب عربية واسعة:
السعودية أدانت بشدة الخطاب، واعتبرته “استفزازًا خطيرًا يهدد الأمن الإقليمي”.
قطر وصفت التصريحات بأنها “إعلان نوايا احتلالية تناقض القانون الدولي”.
الأردن حذرت من أن هذه الرؤية ستقود المنطقة إلى “دوامة عنف لا تنتهي”.
السلطة الفلسطينية رأت أن ما قاله نتنياهو يكشف “الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني” ويؤكد أن المفاوضات كانت دائمًا غطاءً لسياسة الضم والتهجير.
لم تتوقف الانتقادات عند الجانب العربي، بل امتدت إلى الداخل الإسرائيلي، حيث اتهم معارضون نتنياهو بأنه يستخدم الحرب لإطالة بقائه في السلطة، وأن مشروع “إسرائيل الكبرى” سيجلب عزلة دولية خانقة.
في المقابل، أيدت أحزاب اليمين المتطرف الخطاب، واعتبرته خطوة ضرورية “لاستعادة أرض إسرائيل التوراتية”.
خطاب نتنياهو الأخير كشف بوضوح ملامح المرحلة المقبلة: تصعيد عسكري، مشروع توسعي، ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض بالقوة.
لكن في المقابل، فإن ردود الفعل العربية والدولية، إلى جانب الغليان الداخلي في إسرائيل، تشير إلى أن الطريق أمامه لن يكون سهلًا، وأن المنطقة قد تكون على أعتاب مواجهة أكبر، سياسيًا وعسكريًا.