حوار مع الدكتورة ميرفت إبراهيم حول حقوق ذوي الإعاقة والذكاء الاصطناعي والأثر المجتمعي في قطر

أجرى الحوار: حمادة محفوظ – مصر
محفوظ : يشرفني اليوم أن ألتقي بشخصية عربية استثنائية، سيدة أعمال وباحثة وأم، استطاعت أن توفق بين العمل الأكاديمي والإنساني، وأن تُحدث أثرًا حقيقيًا في حياة الآلاف من ذوي الإعاقة في قطر والعالم العربي. معنا اليوم الدكتورة ميرفت إبراهيم، سفيرة السلام في قطر، ومؤسسة مبادرة “صوتك قوة”، إحدى المبادرات الرائدة في تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال الذكاء الاصطناعي والتعليم المستدام. دكتورة ميرفت، أهلاً وسهلاً بك.
د.ميرفت : أهلاً وسهلاً بكم، وشكرًا لجريدة “الخبر اليوم” على تسليط الضوء على قضايا هامة وإنسانية تخص فئات تستحق منا كل الدعم.
محفوظ : لو تكرمتِ، أعطينا نبذة عن مسيرتك وإنجازاتك في هذا المجال؟
د. ميرفت : بكل سرور. أنا باحثة دكتوراه ومؤسسة ورئيسة تنفيذية لمركز “ريدي فيوتشر” للاستشارات التعليمية والتكنولوجية. أطلقت مبادرة “صوتك قوة” في قطر، بالشراكة مع جهات محلية ودولية، وعلى رأسهم المدير التنفيذي للجمعية القطرية لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي قدّم دعمًا حقيقيًا للمبادرة منذ بدايتها.
بدأت مسيرتي كمتطوعة منذ أكثر من 10 سنوات في الجمعية، وتطورت رؤيتي نحو الدمج المجتمعي والتمكين الرقمي، خاصة بعد أن عايشت بنفسي تجربة محدودة مع الإعاقة بعد إصابة مؤقتة. حينها، أدركت المعاناة اليومية التي يعيشها الكثيرون دون صوت يسمعهم، فقررت أن أكون هذا الصوت.
محفوظ : مبادرتك “صوتك قوة” نالت اهتمامًا واسعًا… كيف بدأت، وما هي أبرز محطاتها؟
د. ميرفت : انطلقت المبادرة من إيمان عميق بقدرة ذوي الإعاقة على الإبداع والتميّز إذا توفر لهم الدعم والتدريب المناسب. نُظمت ورش عمل تدريبية في الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتواصل الرقمي. كما قمنا بزيارات ميدانية للمراكز، وقدّمنا تدريبات على تطبيقات مثل Seeing AI وBe My Eyes. إحدى المحطات المؤثرة كانت مشاركة فتاة تُدعى “إيناس” من مصر، مصابة بالتوحد، تفوقت في دورات الروبوتات وأبهرت الجميع بإبداعها.
محفوظ : كيف ترين العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وتمكين ذوي الإعاقة؟
د. ميرفت : الذكاء الاصطناعي أصبح أداة أساسية للتمكين. من خلاله، بات بإمكان المكفوفين التنقل بحرية، وذوي الإعاقات الحركية التحكم في بيئتهم المنزلية. كما أن هناك تطبيقات لمعالجة النطق، وأخرى لفهم المشاعر، وهو ما يفيد فئة المصابين بالتوحد. نحن في قطر ندمج هذه التقنيات ضمن برامجنا التدريبية، بهدف بناء جيل قادر على المنافسة لا مجرد التلقي.
محفوظ : ما الدور الذي تلعبه الجمعية القطرية لذوي الاحتياجات الخاصة في دعم مبادرتك؟
د. ميرفت : الجمعية شريك استراتيجي. مديرها التنفيذي مشكورًا فتح لنا أبواب التعاون، ووفّر كل التسهيلات لإقامة الدورات والورش داخل المركز وخارجه. دعمهم لم يكن لوجستيًا فقط، بل معنويًا، إذ شاركوا بأنفسهم في بعض الأنشطة، مما أعطى المبادرة مصداقية وقوة.
محفوظ : هل هناك لحظات إنسانية تركت بصمة فيكِ؟
د. ميرفت : نعم، كثيرة. لكنني لا أنسى عندما أخبرتني فتاة صغيرة كفيفة في المركز الثقافي أنها تعرف صوتي من الإعلام وكانت تنتظر لقائي. لم أتمالك نفسي من التأثر… كانت لحظة إنسانية صافية تذكّرنا بأن الكلمة الطيبة والتواصل الحقيقي لهما أثر لا يُنسى.
محفوظ : في ظل هذه المسؤوليات الكبيرة، كيف توازنين بين حياتك الشخصية والمهنية؟
د. ميرفت : الفضل لله أولًا، ثم لأمي التي ما زالت تدعمني بكل حب، رغم سنها الكبير. هي شريكة في كل ما أنجزت. كما أنني أعمل على بناء فرق قوية داخل المؤسسات التي أديرها، أحرص دائمًا على تطويرهم ومنحهم الثقة.
محفوظ : رسالة أخيرة توجّهينها لذوي الإعاقة وللمجتمع العربي؟
د. ميرفت : رسالتي: أنتم لستم وحدكم. أنتم طاقة لا يستهان بها. والمجتمع يحتاج إلى إعادة النظر في مفهوم “الإعاقة”، لأنها ليست عجزًا، بل اختلاف في القدرة. أما للمجتمع، فأقول: الشمول لا يُطلب، بل يُبادر إليه. لنبنِ بيئة تتسع للجميع.
محفوظ : كل الشكر والتقدير لكِ دكتورة ميرفت إبراهيم على هذا الحوار الملهم، ونتمنى لك دوام النجاح في مسيرتك الإنسانية.
د. ميرفت : الشكر موصول لكم ولجريدتكم المحترمة على اهتمامكم بقضايا الدمج والعدالة الاجتماعية.