الحوادث

الداخلية تضبط شبكات نصب إلكترونى بملايين الجنيهات..

كتبت : هند أحمد شحاتة

في مشهد يعكس مدى تطور الجريمة الإلكترونية، وذكاء مرتكبيها في استغلال ثغرات التكنولوجيا لتضليل المواطنين، تمكنت وزارة الداخلية مؤخرًا من توجيه ضربة أمنية نوعية لعصابة إلكترونية منظمة، استهدفت المواطنين عبر شبكة الإنترنت، ونجحت في النصب عليهم من خلال منصة مزيفة تحمل اسم “VSA” .
الواقعة بدأت بتلقي وزارة الداخلية عدداً كبيراً من البلاغات من المواطنين تفيد بتعرضهم للاحتيال والنصب الإلكتروني من قبل مجهولين قاموا بتأسيس منصة إلكترونية تروّج لاستثمار الأموال مقابل أرباح مالية مغرية، وأفاد 58 مواطناً في بلاغاتهم بأنهم خسروا مدخراتهم بعدما أودعوا أموالهم عبر محافظ إلكترونية بناء على تعليمات تلك المنصة، تحت ادعاء استثمار الأموال في مشاهدة الإعلانات وجني الأرباح السريعة، في نموذج مكرّر ومطوّر لما يعرف بأساليب التسويق الهرمي أو الشبكي، ولكن بنكهة إلكترونية متقدمة وأكثر تعقيداً.

لم يكن الأمر مجرد استغلال بسيط لعناوين رنانة عن الربح السريع، بل كان مخططاً محكماً مدعومًا بأساليب تضليل احترافية، حيث أوهم المتهمون الضحايا بأن المنصة تعمل بالشراكة مع شركات عالمية، وتم إقناعهم بضرورة الاشتراك ودفع رسوم عضوية تبدأ بمبالغ صغيرة ثم تتصاعد تدريجياً.
كما استخدم أفراد التشكيل العصابي وسائل متطورة للتواصل مع الضحايا، على رأسها تطبيق “واتس آب” باستخدام أرقام دولية لإضفاء طابع الجدية والمصداقية، فضلًا عن الترويج المكثف للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مدعومًا بمقاطع فيديو ومحتوى دعائي يحاكي طبيعة الإعلانات الحقيقية، لإقناع المتابعين والمستخدمين بأن هناك منصة استثمار حقيقية تقدم لهم فرصًا مغرية للحصول على دخل ثابت مقابل خطوات بسيطة.
أظهرت التحريات أن وراء المنصة المزيفة تشكيلًا عصابيًا مكونًا من 23 فردًا، تخصصوا في الاحتيال الإلكتروني المنظم، وأنهم أنشأوا هذه المنصة بغرض واضح وهو الاستيلاء على أموال المواطنين، مستغلين جهل بعض المستخدمين بالتعاملات الرقمية وعدم وعيهم بكيفية التأكد من مصداقية المنصات الإلكترونية.

وبعد تقنين الإجراءات القانونية، تم إعداد مأموريات أمنية موسعة استهدفت مقار المتهمين وتمكنت من ضبطهم جميعاً، إلى جانب ضبط مبالغ مالية ضخمة، وهواتف محمولة، وحواسب آلية، وعدد من السيارات، وكميات كبيرة من شرائح الهواتف المحمولة والتي كانت مفعلًا على بعضها محافظ مالية إلكترونية تُستخدم في استلام الأموال من الضحايا، وقدّرت قيمة المضبوطات النقدية والعينية بنحو 32 مليون جنيه، في واحدة من أقوى الضربات الأمنية خلال الأشهر الأخيرة.

وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا رسميًا يحذر المواطنين من الانسياق خلف مثل هذه المنصات التي تعد بتحقيق أرباح سريعة، مؤكدًا أن هذه الجرائم تشكل خطرًا حقيقيًا على الاقتصاد الشخصي والأسري، وأن العصابات الإلكترونية تطوّر أدواتها وأساليبها بسرعة كبيرة، لكن أجهزة الأمن لديها من الإمكانات والخبرات ما يؤهلها لملاحقة هذه الجرائم وكشفها مهما بلغت درجة تعقيدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى