“
تقرير : علياء الهواري
في مشهد يعيد للأذهان زيارات القادة العظام، عاد دونالد ترامب إلى قلب العالم العربي بجولة خليجية حملت في طياتها رسائل سياسية واقتصادية شديدة الوضوح. الجولة لم تكن بروتوكولية باردة، بل مليئة بالتحركات المفاجئة، والاتفاقيات المليارية، والأجندات العميقة التي تتجاوز مجرد الصور التذكارية.
المحطة 1: السعودية – سياسة “الكل رابح”
اليوم الأول كان في الرياض، حيث استقبل ولي العهد محمد بن سلمان ترامب باستعراض ملكي مهيب، لكن خلف هذا البريق كان هناك أهداف واضحة:
صفقات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار، تشمل تحديث أسطول الدفاع الجوي وتسليم أنظمة هجومية متطورة.
استثمارات سعودية ضخمة في التكنولوجيا الأمريكية، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
لقاء مفاجئ مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، وتمخض عنه إعلان رفع العقوبات عن سوريا في خطوة أثارت موجات من الجدل داخلياً وخارجياً
التأثير السياسي:
السعودية فرضت نفسها كوسيط رئيسي في ملفات حساسة (سوريا – إسرائيل).
منح ترامب انتصار دبلوماسي سريع قبل الانتخابات الأمريكية.
المحطة 2: قطر – المال يتحدث
في الدوحة، لم يكن اللقاء عادياً:
عقود بـ 1.2 تريليون دولار مع شركات أمريكية، أبرزها بوينغ وجنرال إلكتريك.
دعم مالي ضخم لتوسعة قاعدة العديد الجوية.
لكن الأكثر إثارة كان الجدل حول “هدية طائرة بوينغ فاخرة” لترامب شخصياً، وهو ما فتح باب الانتقادات حول تضارب المصالح.
نقطة التحول:
قطر استغلت الزيارة لتثبيت صورتها كحليف عسكري واقتصادي حيوي.
ترامب ركز على المكاسب الاقتصادية وتجاهل الانتقادات السياسية.
المحطة 3: الإمارات – بوابة المستقبل
في أبوظبي، كان التركيز على المستقبل:
استثمارات إماراتية بـ 1.4 تريليون دولار خلال 10 سنوات، موجهة نحو الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة.
مناقشة مشروع “الشرق الأوسط الرقمي” لتحويل الخليج لمركز عالمي للتكنولوجيا.
الرسائل الخفية:
الإمارات تضع نفسها كشريك استراتيجي في الثورة الصناعية الرابعة.
ترامب يبيع “الحلم الأمريكي” بطابع تكنولوجي لمستقبل العالم العربي.
لو تحدثنا عن الإيجابيات نشاهد:
إنعاش الاقتصاد الأمريكي بصفقات عملاقة.
توطيد التحالفات مع قوى إقليمية مؤثرة.
فتح نافذة لحلول دبلوماسية في ملفات شائكة (سوريا – غزة).
السلبيات والخلافات:
تجاهل ممنهج لملفات حقوق الإنسان.
جدل واسع حول المصالح الشخصية والهدايا الفاخرة.
غياب خطة سياسية متكاملة لحل النزاعات في الشرق الأوسط.
زيارة ترامب ليست مجرد رحلة لعرض الصفقات، بل محاولة واضحة لإعادة رسم خريطة النفوذ الأمريكي في المنطقة، من خلال المال والاستثمار بدلاً من السياسة التقليدية. وبينما يحتفي البعض بعودة “رجل الأعمال إلى الدبلوماسية”، يرى آخرون أن الثمن سيكون باهظاً إذا تم تجاهل ملفات الشعوب لصالح المصالح الاقتصادية.











