تحقيقات وتقارير

المستشار محمد أمين المسلمى فى حوار صحفى: الرسوم القضائية تجاوزت الدستور وأهدرت الحق في التقاضي


أجرت الحوار: علياء الهوارى

في ظل الجدل القانوني والدستوري المُحتدم حول ارتفاع الرسوم القضائية وفرض مبالغ جديدة لصالح صناديق غير خاضعة للرقابة الشعبية، كان لنا هذا الحوار مع المستشار محمد أمين المسلمى – محامٍ بالنقض ومؤسس المؤسسة العربية للمحاماة – الذي أكد أن حق التقاضي أصبح مهددًا، وأن ما يحدث يتعارض مع نصوص الدستور وآخر تحركات نقابة المحامين

س: سيادة المستشار، كيف تقرأون المشهد الحالي فيما يخص أزمة الرسوم القضائية؟

ج: ما يحدث الآن هو انحراف تشريعي عن مبدأ العدالة الدستورية، فقد أصبحت الرسوم القضائية عبئًا ثقيلًا على المتقاضي، وتجاوز الأمر مجرد “رسوم تنظيمية” إلى “عقبات مادية حقيقية” تمنع المواطنين، خاصة من الطبقات المتوسطة والفقيرة، من اللجوء إلى المحاكم.

والأخطر من ذلك هو فرض رسوم لصالح صندوق مستشاري الاستئناف دون سند دستوري واضح، وهو ما يُمثل تعديًا على حقوق المتقاضين والمحامين على السواء

س: هل ترى أن هذه الرسوم تتعارض مع نصوص الدستور المصري؟

ج: بكل وضوح، نعم. الدستور المصري في مادته (97) ينص على أن “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة”، أي لا يجوز تقييده بالمال أو اشتراط سداد مبالغ ترهق المواطنين. كما أن المادة (9) تُلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص، في حين أن فرض رسوم باهظة يُكرّس التمييز بين القادر وغير القادر.

أيضًا، فرض رسوم لصالح جهة قضائية دون رقابة أو محاسبة شعبية يثير شبهات واضحة تتعارض مع مبادئ الشفافية التي نص عليها الدستور.

س: ماذا عن موقف نقابة المحامين من هذه الأزمة؟

ج: موقف النقابة كان واضحًا وقويًا، حيث أعلن نقيب المحامين رفضه القاطع لما يُفرض من رسوم لصالح صندوق مستشاري الاستئناف، وأكد أن هذا يشكل افتئاتًا على حق المحامين والمتقاضين، وضغطًا على المواطن العادي.

النقابة بصدد اتخاذ إجراءات قانونية للطعن بعدم دستورية هذه الرسوم، وتُطالب بتجميد العمل بها فورًا لحين البت في مشروع قانون عادل للرسوم القضائية يُراعي الواقع الاقتصادي ويحترم الدستور.

س: ما أثر هذه الرسوم على سير العدالة؟

ج: الأثر بالغ الخطورة. فقد أصبح بعض المتقاضين يعزفون عن اللجوء للقضاء بسبب التكاليف، ما يُهدد مفهوم الدولة القانونية. تخيّل أن مواطنًا يريد المطالبة بميراث أو تعويض عن ضرر، ويُطلب منه دفع آلاف الجنيهات كرسوم فقط لتسجيل دعواه! هذا يجعل التقاضي امتيازًا للأغنياء فقط، وهذا ما لا نقبله كمحامين أو مواطنين.

س: هل لديكم حلول بديلة عادلة؟

ج: الحل في تعديل قانون الرسوم القضائية بالكامل، بحيث:
• يُراعي الظروف الاقتصادية للمواطن.
• يربط قيمة الرسوم بطبيعة الدعوى لا قيمتها فقط.
• يُعفي دعاوى الأحوال الشخصية والعمال والفقير والمُعيل.
• يمنع فرض أي رسوم لصالح صناديق خاصة غير خاضعة للرقابة البرلمانية.

س: ما دور المؤسسة العربية للمحاماة في دعم هذا الاتجاه؟

ج: نحن جزء من هذه المعركة القانونية والمجتمعية. نُعد الآن مذكرة قانونية للطعن على بعض المواد المنظمة للرسوم الحالية، ونسعى إلى التعاون مع نقابة المحامين في تحركاتها.

كما نُقدِّم دعمًا قانونيًا مجانيًا في بعض الحالات التي حُرمت من حقها في التقاضي بسبب الرسوم، إيمانًا منا أن العدل لا يجب أن يكون حكرًا على من يملك المال.

كلمة أخيرة لسيادتكم نختم بها الحوار؟

ج: نحن نعيش لحظة فاصلة: إما أن ننحاز للعدالة والدستور، أو نترك التقاضي يتحول إلى سلعة. وأؤكد أن الدستور المصري لا يُجيز فرض رسوم تمنع المواطن من اللجوء للقضاء، وكل إجراء على خلاف ذلك هو باطل من الناحية الدستورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى