تحقيقات وتقارير

"منظمة خلق" الإيرانية تدعم الاحتلال الصهيونى..الحل فى دوله فلسطينيه موحده وانهاء إنفراد فصيل واحد بحكم غزه


تحقيق: علياء الهواري

في زمنٍ تُغتال فيه الحقيقة قبل أن تُغتال الأرواح، وفي لحظةٍ تاريخية تعيش فيها غزة تحت وطأة آلة حرب لا ترحم، تقف شعوب الأرض مذهولة أمام وحشيةٍ تُمارس على مرأى ومسمع من العالم. دمارٌ هائل، مجازر ترتكب على مدار الساعة، وأطفال يُقتَلون في أحضان أمهاتهم، فيما يكتفي المجتمع الدولي بالبيانات الخجولة والقلق المعتاد.

وبينما تستمر الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق شعب أعزل في قطاع غزة، تطفو إلى السطح مواقف صادمة من جهات كنا نظنها يومًا من دعاة الحرية. في هذا السياق، برز موقف “منظمة خلق” الإيرانية المعارضة، والتي أعلنت دعمها العلني للاحتلال الإسرائيلي وتبنيها روايته حول “حقه” المزعوم في الأراضي الفلسطينية، لتكشف عن وجه جديد من وجوه الانحطاط السياسي والانتهازية الدولية.

لذا، كان هذا التحقيق الصحفي ، للوقوف على أبعاد هذا الدور وفهم المواقف المتخاذلة، ومناقشة السبل الحقيقية لمواجهة هذه الحرب الظالمة. تنوعت الرؤى، لكن صوت غزة ظلّ موحدًا: لا خيار سوى الصمود… والمقاومة.

السؤال هنا ما الحل لمواجهة حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو بحق أهالي قطاع غزة؟ ولماذا هذا الصمت الدولي حيال انتهاك الاحتلال لكل المواثيق الدولية؟ السفير د. ممدوح جبر
مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق وأستاذ العلوم الإنسانية والسياسية يؤكد أن

“الحل ليس سهلًا لكنه ليس مستحيلًا. ما نحتاج إليه هو تكامل الأدوار: دعم سياسي ودبلوماسي منظم، وتحرك قانوني عبر المحاكم الدولية، يرافقه ضغط شعبي في الشارع العربي والدولي. لا بد من إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية، وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية توحيد الصف تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. علينا أن نوقف الرهان على مسارات سلام وهمية، ونتوجه لبناء تحالفات مع قوى العدالة حول العالم. ما يحدث في غزة ليس نزاعًا بل جريمة إبادة منظمة، وعلى الأمة العربية والإسلامية أن تستخدم أدواتها الاستراتيجية من ضغط اقتصادي وسياسي لدعم صمود غزة. لا يمكن أن نستمر في الخوف من اللوبيات الصهيونية، علينا أن نكون أقوياء في الخطاب والإعلام والميدان.”

وتوضح سماح سمير حمد
عضو حركة فتح

“السبيل الوحيد هو الوحدة. وحدة وطنية حقيقية، وتماسك داخلي يبدأ من البيت الفلسطيني، ويمتد إلى كل بقعة في الوطن والشتات. يجب أن نرفع جميعًا علمًا واحدًا، ونتحدث بصوت واحد. الاحتلال يراهن على تشرذمنا، فإذا كسرنا هذا الرهان، كسرنا معه مشروعه. أما الصمت الدولي فهو نتيجة لضعف البنية السياسية لدينا، وخوف تلك الدول من فقدان مصالحها. كثير من العواصم تفضل الوقوف في صف الأقوى، ونحن مطالبون بإجبارها على إعادة الحسابات.”

ويوضح معاذ مريد
مفوض اللجنة الإعلامية في منطقة الشهيد بهاء أبو جراد – حركة فتح:

“لابد من نهاية واضحة لحكم طرف واحد في غزة. حركة حماس جرّت القطاع إلى كوارث سياسية وإنسانية غير محسوبة. المطلوب الآن هو لجنة وطنية مستقلة تتولى إدارة القطاع، وتبدأ فعليًا في إعادة الإعمار وتوفير احتياجات الناس، والتحضير لانتخابات تعيد للشعب حقه في اختيار قيادته. كذلك فإن إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني بات ضرورة وطنية كبرى، لأنه أساس ضعف الموقف الفلسطيني أمام العالم، ويساهم في إدامة العدوان. غزة تحتاج إلى صوت موحد، لا إلى مزيد من المناكفات.”

الدكتور شفيق التلولي
كاتب ومحلل سياسي:

“الحل يكمن في تكامل الفعل العربي الشعبي والرسمي للضغط على أمريكا، كي تكف عن دعمها للاحتلال. لقد رأينا الموقف المصري القوي، ورفضه للتهجير، وخطة إعادة الإعمار التي أصبحت خطة عربية. ما نحتاجه الآن هو جعلها خطة دولية بدعم المجتمع الدولي. مجلس الأمن فشل في وقف هذه الحرب، وهو ما يكشف الهيمنة الأمريكية الكاملة. لا بد من توفير حماية دولية للفلسطينيين، وإذا لم يستطع العالم فرض تنفيذ قراراته، فإننا أمام انهيار النظام الدولي الذي أُسس بعد الحرب العالمية الثانية.”

وعن موقف “منظمة خلق” الإرهابية، التي أعلنت دعمها للاحتلال الإسرائيلي وتبنيها روايته في عدوانه على غزة؟

السفير د. ممدوح جبر. يوضح

“منظمة خلق منذ عقود تتماهى مع أجندات خارجية مشبوهة. تحالفها مع الكيان الصهيوني هدفه واضح: إزالة اسمها من قوائم الإرهاب، وتثبيت حضورها في المشهد الدولي. ما فعلته في العراق، ثم انتقالها إلى ألبانيا حيث تدير معسكرات مغلقة لغسل أدمغة عناصرها، يوضح طبيعتها العسكرية التسلطية. دعمها لإسرائيل ليس غريبًا، بل يعبر عن جوهرها الوظيفي، وهي الآن جزء من المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة، ولا تختلف عن الميليشيات التي يتم استخدامها لضرب الشعوب الحرة.”

الأستاذة سماح سمير حمد:يوضح أن

“ما تفعله هذه المنظمة لا يمكن تبريره. إنها تحاول الظهور كلاعب مؤثر بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو دماء أطفال غزة. من يقف إلى جانب الاحتلال في مجازره، لا يمكن اعتباره حليفًا لأي شعب يناضل من أجل حريته. هذا موقف مدان بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية.”

ويؤكد معاذ مريد: أن

“موقف متوقع من منظمة انته opportunistic ومنافقة، تبحث عن الاعتراف بها من قبل الغرب عبر التحالف مع الصهاينة. لا تعنينا، ولا نوليها أي اهتمام. هي منظمة فاقدة للشرعية والأخلاق، وتحاول تلميع صورتها باستخدام قضية فلسطين، لكنها مكشوفة للجميع.”

الدكتور شفيق التلولي يوضح

“ما تفعله هذه المنظمة محاولة بائسة لتقريب نفسها من أمريكا وإسرائيل، علّها تنال الحماية والشرعية. هذا النوع من الانتهازية السياسية خطر جدًا لأنه يعكس تواطؤًا ضمنيًا مع مشاريع الإبادة. نحن أمام مفارقة مخجلة: منظمة كانت تُصنف إرهابية، تتحول إلى شريك للاحتلال، في الوقت الذي يُصوَّر فيه الشعب الفلسطيني كمتهم لمجرد مقاومته.”

من قلب الألم تخرج الحقيقة. ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان، بل هو جريمة إبادة مكتملة الأركان، بمباركة صمت دولي مشين، وتواطؤ جهات تسعى لمكاسبها السياسية الرخيصة على حساب أرواح الأبرياء. في هذا التحقيق تتضح ملامح معركة متعددة الجبهات: سياسية، إعلامية، أخلاقية. لكن ما في فلسطين صوت، وفي غزة قلب ينبض، وفي الأمة روح مقاومة لا تموت.

لقد اتفق الجميع أن الحل يبدأ من الداخل الفلسطيني، من وحدة الموقف والكلمة، ومن إعادة ترتيب البيت السياسي الفلسطيني. كما شددوا على ضرورة تحرك عربي وإسلامي واسع، يعيد الاعتبار للحق الفلسطيني، ويكسر احتكار الرواية الذي تمارسه آلة الإعلام الصهيونية.

أما تلك الأصوات النشاز التي تصطف إلى جانب القاتل، وتتبنى رواياته، فلن تغيّر من حقيقة التاريخ شيئًا: فلسطين باقية… وغزة عصيّة على الانكسار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى