أحدث الاخبارتحقيقات وتقارير

الدروز الموحدون بين الولاءات المتقاطعة والصراع الفلسطيني – معادلة معقدة

تقرير: علياء الهوارى

وسط الأحداث المتصاعدة في فلسطين والمنطقة، عاد الحديث مجددًا عن الدروز الموحدين، تلك الطائفة التي تتسم بخصوصيتها الدينية والسياسية في دول الشرق الأوسط. ومع تصاعد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أُثيرت تساؤلات حول موقف الدروز، خاصة في إسرائيل، حيث يخدم جزء كبير منهم في الجيش الإسرائيلي، بينما يرفض آخرون الانخراط في أي صراع ضد الفلسطينيين، مؤكدين أن هويتهم لا تعني التماهي مع سياسات الاحتلال.

يبلغ عدد الدروز في إسرائيل حوالي 143,000 نسمة، وهم طائفة معترف بها رسميًا، يخدم أفرادها في الجيش الإسرائيلي بموجب قانون فرض التجنيد الإجباري عليهم منذ عام 1956. على الرغم من هذا الانخراط العسكري، إلا أن هناك تيارًا داخل الطائفة يرفض هذه السياسة، معتبرًا أنها تضعهم في صدام مباشر مع الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة.

في هذا السياق، قال أحد الشبان الدروز، رفض الكشف عن اسمه، لـ”صحيفتنا”:
“نحن نعيش وضعًا حساسًا، فنحن جزء من المجتمع الإسرائيلي بحكم المواطنة، لكن لا يمكننا إنكار أصولنا العربية وروابطنا الثقافية والدينية مع محيطنا الفلسطيني والعربي.”

لطالما شكلت الطائفة الدرزية حالة خاصة في المشهد السياسي بالشرق الأوسط، حيث يسعى أبناؤها إلى تحقيق نوع من التوازن بين انتمائهم الوطني وهويتهم الدينية. لكن مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، برزت أصوات درزية أكثر جرأة في معارضة السياسات الإسرائيلية.

مؤخرًا، خرجت عدة مظاهرات في البلدات الدرزية داخل الخط الأخضر، رفضًا للهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة. كما انتقد زعماء دروز بارزون، مثل الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، الدور الذي تلعبه إسرائيل في استقطاب الدروز وتوظيفهم ضمن أجنداتها العسكرية.

على الجانب الآخر من الحدود، يتخذ دروز سوريا ولبنان موقفًا أكثر وضوحًا في دعم القضية الفلسطينية. فبينما يقاتل بعض دروز سوريا في صفوف الجيش السوري، تتبنى شخصيات درزية في لبنان، مثل طلال أرسلان ووئام وهاب، خطابًا واضحًا في دعم المقاومة الفلسطينية.

يرى محللون أن إسرائيل تحاول استغلال الدروز في مشروعها للاندماج الإقليمي، حيث تستخدمهم في تبرير سياساتها القمعية، وتروّج لدروزها على أنهم “عرب معتدلون” في مواجهة الفلسطينيين. لكن هذه الرواية تلقى رفضًا متزايدًا داخل الطائفة، حيث بدأت أصوات تبرز لرفض الخدمة العسكرية، والتأكيد على الهوية العربية والقومية للدروز.

يبقى موقف الدروز في فلسطين المحتلة معقدًا، فهم في مفترق طرق بين هويتهم العربية وسياسات إسرائيل التي تحاول دمجهم في مؤسساتها الأمنية. ومع تزايد الوعي السياسي داخل الطائفة، من المتوقع أن نشهد تحولات أعمق في موقف الدروز، سواء على مستوى رفض التجنيد الإجباري، أو إعادة التموضع في المشهد الفلسطيني بشكل أكثر انسجامًا مع هويتهم الأصلية.

ويبقى السؤال المطروح: هل سيشهد المستقبل انشقاقًا أوسع داخل الطائفة الدرزية حول موقفها من القضية الفلسطينية، أم ستبقى العوامل السياسية والضغوط الإسرائيلية تحدد مسارها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى