تحقيقات وتقارير

محمد النويشي الباحث في الشئون السياسية والبرلمانية يكتب : تعليق اتفاقية السلام أمر حتميًّا

حوار : علياء الهواري

  • لا لتهجير الفلسطينيين .. لا لتصفية القضية الفلسطينية
  • مصر في مواجهة تهجير الفلسطينيين : موقف شعبي ورسمي لا يقبل المساومة

” لا لتهجير الفلسطينيين .. لا لتصفية القضية ” هذا هو الصوت الذي ارتفع من كل شوارع مصر، من قلب القاهرة إلى أزقة الصعيد وسواحل الإسكندرية. ليست مجرد كلمات، بل هو موقف تاريخي ثابت يجمع المصريين قيادةً وشعبًا، في مواجهة أي مخططات تسعى لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم أو تهديد الأمن القومي المصري.

  • مصر .. الدولة التي لا تساوم على العدل

عندما صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحديثه الصادم عن تهجير الفلسطينيين، لم يكن الرد المصري مجرد بيان دبلوماسي، بل جاء صارمًا وحاسمًا على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن أمام العالم أن مصر لن تكون جزءًا من أي “عمل من أعمال الظلم”. هذه الكلمات لم تكن موجهة فقط لترامب، بل كانت رسالة إلى كل من يعتقد أن مصر يمكن أن تكون جزءًا من مؤامرة ضد الفلسطينيين

  • مصر تضع خطوطًا حمراء أمام الاحتلال

لطالما كانت مصر في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية، مؤمنة بأن أي محاولة لتصفية هذه القضية هي تهديد مباشر للأمن القومي العربي والإقليمي.
ومع تصاعد الجرائم الإسرائيلية، وظهور تصريحات صادمة من مسؤولين في حكومة الاحتلال حول مخططات لتهجير الفلسطينيين قسرًا من أرضهم، جاء الرد المصري عبر وزارة الخارجية قويًا، واضحًا، وحاسمًا، ليؤكد أن مصر ترفض تمامًا أي محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي في فلسطين.
ولكن اليوم، لم يعد يكفي الرد الدبلوماسي وحده، بل أصبح من الضروري أن يكون هناك موقف عملي صارم على الأرض يترجم هذا الرفض إلى إجراءات حقيقية تعيد التوازن للمنطقة وتردع الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ مخططاته الإجرامية.

  • القضية العادلة والمخططات الظالمة

القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسي أو نزاع حدودي، بل هي قضية شعب اقتُلع من أرضه وتعرض لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد. منذ نكبة عام 1948، والفلسطينيون يواجهون مشاريع تهجير متكررة تهدف إلى اقتلاعهم من وطنهم، في محاولات ممنهجة لتصفية قضيتهم وطمس حقوقهم التاريخية. واليوم، يتجدد الخطر، حيث تسعى قوى الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ مخططاتها بإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم قسرًا، مستغلة الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية لفرض واقع جديد يخدم مصالحها الاستيطانية التوسعية.

  • التهجير القسري .. سياسة ثابتة منذ النكبة

منذ إعلان الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وهو يمارس سياسة التهجير القسري ضد الفلسطينيين، سواء عبر المجازر الوحشية، أو التدمير الممنهج للقرى والمدن، أو عبر القوانين العنصرية التي تستهدف وجود الفلسطينيين في وطنهم. وقد تجلى ذلك بوضوح في :

  • نكبة 1948 : حيث تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني قسرًا، ودمرت أكثر من 500 قرية فلسطينية، وأجبر السكان على اللجوء إلى الدول المجاورة.
  • نكسة 1967 : حيث احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وسيناء، ودفعت بمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى خارج بلادهم.
  • الاستيطان والتهويد المستمر : منذ عقود، تقوم إسرائيل ببناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين، مما يضيق الخناق عليهم ويدفعهم نحو الرحيل القسري.
  • الحصار والضغط الاقتصادي : كما هو الحال في غزة، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من حصار خانق منذ أكثر من 17 عامًا، يدفع العديد منهم إلى البحث عن سبل للنجاة خارج وطنهم.
  • اتفاقية السلام .. عندما تصبح حبر علي روق

عندما أبرمت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، كان الهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة، لكن الاحتلال الإسرائيلي استغل الاتفاقية لصالحه دون أن يلتزم بمبادئها.
على مدار العقود الماضية، استمرت إسرائيل في تجاوزاتها التي تتعارض مع روح الاتفاقية، أبرزها:

  • الاستيطان وتهويد القدس : توسعت إسرائيل في بناء المستوطنات غير الشرعية، ضاربة بعرض الحائط جميع الاتفاقيات الدولية.
  • الاعتداءات المستمرة على الفلسطينيين: شنت إسرائيل عدة حروب على قطاع غزة، وارتكبت مجازر بحق المدنيين.
  • محاولات تصفية القضية الفلسطينية : تسعى إسرائيل إلى تهجير الفلسطينيين، وتفريغ غزة والضفة من سكانهما، مما يعد جريمة تطهير عرقي.
  • انتهاك السيادة العربية : تصرفات إسرائيل لا تقتصر على فلسطين، بل تمتد لتؤثر على أمن مصر والمنطقة بأكملها.

هذه الممارسات تؤكد أن إسرائيل لم تتعامل مع اتفاقية السلام كنقطة انطلاق لحل عادل، بل كأداة لترسيخ احتلالها وتوسيع نفوذها، مما يجعل تعليقها أو إعادة النظر فيها أمرًا ضروريًا وحتميًا.

  • لماذا يجب تعليق اتفاقية السلام الآن ؟
  1. لأن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء

تصريحات أعضاء الحكومة الإسرائيلية حول تهجير الفلسطينيين ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي جزء من مخطط مدروس يهدف إلى فرض واقع جديد. هذه التصريحات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتقضي تمامًا على أي أمل في تحقيق سلام عادل.

  1. لأن مصر ترفض أن تكون شريكًا في سلام زائف

السلام الحقيقي لا يعني بقاء الطرف الآخر يذبح الأبرياء ويهجر السكان تحت غطاء الاتفاقيات الدبلوماسية.
اليوم، أصبح واضحًا أن إسرائيل لا تريد السلام، بل تريد استغلاله لخدمة أجندتها التوسعية.

  1. لأن تعليق الاتفاقية سيشكل ضغطًا دوليًا حقيقيًا

إسرائيل تعتمد على علاقاتها مع الدول العربية لضمان شرعيتها الإقليمية. تعليق الاتفاقية سيضعها في عزلة دولية ويجعلها تفكر ألف مرة قبل ارتكاب المزيد من الجرائم.

  1. لأن الموقف المصري يجب أن يُترجم إلى خطوات عملية

الرفض اللفظي وحده لا يكفي.
لابد من إجراءات صارمة تجعل الاحتلال يدرك أن العالم العربي، وفي مقدمته مصر، لن يقف مكتوف الأيدي أمام تصفية القضية الفلسطينية.

  • كيف يكون الرد المصري عمليًا على الأرض ؟
  1. إجراءات دبلوماسية تصعيدية
  • استدعاء السفير المصري من تل أبيب، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي.
  • تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التجارية مع إسرائيل لحين وقف الانتهاكات.
  • فرض قيود على أي تعاملات اقتصادية مع الشركات الداعمة للاستيطان والاحتلال.
  • تحرك دولي بالتنسيق مع القوى العالمية لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب جرائمها ضد الإنسانية.
  1. دعم المقاومة الفلسطينية ميدانيًا
  • تقديم دعم أكبر للشعب الفلسطيني، سواء من خلال المساعدات الإنسانية، أو عبر توفير الإمدادات الضرورية للفلسطينيين داخل قطاع غزة والضفة.
  • فتح المعابر بشكل دائم لضمان عدم خضوع الفلسطينيين للابتزاز الإسرائيلي.
  1. تعزيز التنسيق العربي لمواجهة الاحتلال
  • دعوة جامعة الدول العربية لاجتماع قمة طارئ لاتخاذ موقف موحد ضد إسرائيل.
  • تعليق اتفاقيات التطبيع ووقف أي محاولات تطبيع جديدة بين إسرائيل والدول العربية، والضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حقيقية.
  1. مراجعة بنود اتفاقية السلام
  • إعادة النظر في شروط الاتفاقية لضمان عدم استغلالها لصالح الاحتلال.
  • فرض شروط جديدة على إسرائيل تلزمها بوقف الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، وإلا سيتم تجميد الاتفاقية بالكامل.
  • مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين
  1. تهجير الفلسطينيين خطر على المنطقة بأكملها

أي محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد عبر التهجير لن تؤدي إلا إلى تصعيد خطير، لن يقتصر على فلسطين فقط، بل سيهدد استقرار الدول المجاورة بأكملها.
مصر تدرك أن هذا المخطط يستهدفها كما يستهدف الفلسطينيين، ولهذا فإن موقفها الرافض ليس مجرد تعاطف، بل هو ضرورة أمنية واستراتيجية.

  1. الفلسطينيون ثابتون على أرضهم رغم العدوان

رغم المجازر اليومية، يرفض الفلسطينيون مغادرة وطنهم، ويؤكدون على تمسكهم بأرضهم التاريخية.
هذا الصمود يتطلب دعمًا عمليًا من الدول العربية، وليس مجرد بيانات تنديد.

  1. إعادة الإعمار يجب أن تتم بدون خروج الفلسطينيين

مصر شددت على أنها لن تسمح بأي مخطط لإعادة إعمار غزة إذا كان الهدف منه تهجير سكانها. إعادة الإعمار يجب أن تتم في إطار زمني واضح، وبوجود الفلسطينيين على أرضهم، وليس كمقدمة لتهجيرهم أو تفريغ القطاع من سكانه.

خاتمة : موقف مصر يجب أن يكون رسالة ردع لإسرائيل

الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من المواقف الدبلوماسية وحدها.
على مصر أن تتخذ خطوات حاسمة تعكس موقفها الصلب، وتؤكد أن أمن فلسطين هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي.

إسرائيل لن تتوقف عن جرائمها إلا إذا وجدت أمامها جدارًا عربيًا صلبًا يقف في وجه مخططاتها، وأول خطوة في هذا الاتجاه هي تعليق اتفاقية السلام، وفرض عقوبات حقيقية عليها، لتدرك أن العالم العربي لن يسمح بتمرير مخطط التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية.

إذا أرادت إسرائيل استمرار علاقاتها مع الدول العربية، فعليها الإعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمة القدس الشرقية والالتزام بالسلام الحقيقي، وليس استغلال الاتفاقيات كغطاء لجرائمها. وحتى يحدث ذلك، يجب أن يكون الرد المصري على الأرض أقوى من أي وقت مضى، لأن مصر كانت وستظل دائمًا الحامي الأول للقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى