أحدث الاخبارتحقيقات وتقارير

"حشود مصرية ضخمة في رفح: دعم قوي لفلسطين بعد خطاب السيسي الرافض لتهجير الفلسطينيين"

كتبت علياء الهواري

شهدت مدينة رفح المصرية مؤخراً تجمّعات شعبية ضخمة دعمًا للقضية الفلسطينية، وذلك بعد خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أطلقه في سياق الأزمة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في هذا الخطاب، شدد السيسي على الموقف المصري الثابت والمناهض لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم. هذا الموقف المصري جاء في وقت حساس، حيث تتوالى الضغوط الدولية على مصر والإقليم في ظل التصعيد العسكري في قطاع غزة. التقرير التالي يستعرض تفاصيل هذا الحدث وتأثيره على الداخل المصري، كما يتناول ردود فعل الصحافة العبرية على هذا الخطاب.

تجمعت الآلاف من المواطنين المصريين في شوارع رفح، المدينة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. الحشود كانت مظهراً من مظاهر الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، والتي لطالما كانت قضية مركزية في السياسة الخارجية المصرية. إضافةً إلى كونها تزامنت مع خطاب الرئيس السيسي، الذي لاقى تفاعلاً كبيراً في الداخل المصري والعالم العربي. المشاركون في هذه الحشود رفعوا شعارات تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة وتؤكد على موقفهم الثابت في رفض تهجير الفلسطينيين

وكانت الحشود متنوعة بشكل لافت، إذ شارك فيها أفراد من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، بدءًا من طلاب المدارس والجامعات، وصولاً إلى كبار السن. كما شاركت العديد من القوى السياسية المصرية، بما في ذلك أحزاب المعارضة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني، مما أعطى التجمّع طابعًا من الوحدة الشعبية في دعم فلسطين.

تم تنظيم هذه الحشود بشكل شبه عفوي، حيث عبّر المتظاهرون عن مشاعرهم الوطنية والدينية تجاه القضية الفلسطينية. وردّدوا هتافات تدعو إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية، وتؤكد على موقف مصر الثابت تجاه غزة وفلسطين. كما كانت هناك دعوات إلى تقديم المزيد من الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني.

في خطابه أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر لن تسمح أبدًا بأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه. وتابع السيسي أنه لا يمكن لأي جهة أن تفرض على الفلسطينيين الخروج من أراضيهم، مشيرًا إلى أن مصر ستظل داعمة للقضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة. ولفت إلى أن مصر تدعو إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية ضمن إطار السلام الشامل والدائم في المنطقة.

السيسي شدد على أن الموقف المصري لن يتغير في ما يخص دعم الحقوق الفلسطينية، وهو موقف تاريخي راسخ منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وذكر السيسي أن مصر مستعدة لتقديم الدعم بكل ما يمكن لضمان حق الفلسطينيين في العيش بسلام على أرضهم.

كما تطرّق السيسي إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة، مؤكدًا أن مصر ستستمر في تقديم مساعدات إنسانية وطبية إلى غزة، كما ستعمل على تسهيل دخول المساعدات عبر معبر رفح. وحذّر من أي محاولة للمساس بالأمن القومي الفلسطيني أو بقدرة غزة على مواجهة التحديات.

الخطاب لاقى استحسانًا كبيرًا من قبل الشارع المصري، حيث عبّر المواطنون عن دعمهم الكامل لموقف السيسي، مؤكدين أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح عبر دفاعها عن فلسطين. وجاءت الحشود في رفح لتكون تجسيدًا حقيقيًا لهذا الدعم الشعبي، ما عزز من موقف الحكومة المصرية داخليًا في ظل التحديات الإقليمية.

أما في العالم العربي، فقد كانت ردود الفعل إيجابية للغاية، حيث أشادت العديد من الأطراف السياسية والإعلامية العربية بموقف السيسي، مؤكدين أن مصر تتبنى قضية فلسطين بكل قوة. وقوبل خطاب السيسي بالترحيب في الدول العربية التي تواجه تهديدات مشابهة من سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

على الرغم من الترحيب الواسع في العالم العربي، إلا أن هناك بعض التحفظات في الأوساط الغربية، حيث أبدت بعض القوى الغربية قلقها من تأثير الموقف المصري على جهود السلام في المنطقة. ورغم ذلك، تم التأكيد على أن مصر تلعب دورًا محوريًا في مساعي التهدئة.

تناولت الصحيفة العبرية “يديعوت أحرونوت” خطاب السيسي بانتقاد حاد، مؤكدة أن الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين قد يعرقل محاولات إسرائيل لتوسيع نطاق السيطرة في المنطقة. الصحيفة أشارت إلى أن الموقف المصري قد يضعف من قدرة إسرائيل على التفاوض بشأن أي تسويات محتملة في المستقبل.

أما صحيفة “هآرتس”، فقد تناولت خطاب السيسي من زاوية أكثر تحليلية، معتبرة أن السيسي يسعى إلى تعزيز موقفه في المنطقة كمدافع عن فلسطين. الصحيفة أفادت بأن هذا الموقف من مصر يمكن أن يعيد ترتيب التحالفات في المنطقة ويؤثر على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب. كما أضافت أن مصر قد تستخدم هذه الورقة للضغط على إسرائيل في المحافل الدولية.

فيما تناولت صحيفة “معاريف” الموضوع من منظور أمني، مشيرة إلى أن دعم السيسي لفلسطين قد يزيد من صعوبة الوضع الأمني في سيناء، بما أن مصر قد تتعرض لضغوطات أكبر من الجماعات المسلحة التي ترفع شعار دعم القضية الفلسطينية. كما ذكرت الصحيفة أن هذا الموقف قد يضع مزيدًا من القيود على تحركات إسرائيل في التعامل مع غزة.

بناءً على ما سبق، يُظهر خطاب السيسي والحشود الشعبية في رفح الدعم المصري الثابت للقضية الفلسطينية في مواجهة أي محاولات لتغيير الواقع الديمغرافي في غزة. بينما تؤكد الصحافة العبرية على تعقيدات هذا الموقف، إلا أن موقف مصر في دعم فلسطين يظل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المصرية، ويعكس تجذر العلاقات الشعبية والسياسية بين مصر وفلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى