شئون عربية

أسرة فلمبان خدام ضيوف الرحمن جيل نفخر به

المغرب:محمد سعيد المجاهد

تفخر المملكة العربية السعودية – قيادة وشعبا – بخدمة ضيوف الرحمن، ومساعدة الحجيج على أداء نسكهم، وتقديم كافة أشكال العون التي يحتاجونها، انطلاقا من مبدأ رئيسي هو تقدير المسؤولية العظيمة التي كلف الله سبحانه وتعالى بها مواطني هذه البلاد المباركة، عندما منحهم هذا الشرف العظيم الذي اختصهم به دون سائر خلقه، وجعلهم شركاء في إكرام ضيوفه. ويشهد موسم الحج كل عام ما يشبه التنافس الكبير من كافة قطاعات الدولة في أداء هذا الواجب، حيث تتسابق جميع الجهات الحكومية في القيام بواجباتها على النسق الأكمل، وتسخر كل إمكاناتها وقدراتها لتقديم خدمة راقية لمن فارقوا أوطانهم وأتوا إلى المشاعر المقدسة، رغبة في نيل الثواب والأجر العظيم. ورغم أن هذه الأجهزة الرسمية تقوم بواجبها خير قيام، وتبذل ما في وسعها لتقديم العون اللازم لهذه الحشود الهائلة من الناس، إلا أن ذلك الشرف لم يقتصر عليها إذ تشاركها فيه الكثير من فئات المجتمع التي تقوم بواجبات عظيمة وأدوار قد لا يستطيع اللسان حصرها، على سبيل التطوع، ودون مقابل، احتسابا للأجر عند الله، ورغبة في تقديم صورة مشرفة عن إنسان هذه البلاد.مرت رحلة التطوع في موسم الحج بالكثير من المراحل، وشهدت نموا متواصلا، حسب تزايد الاحتياجات، وتطور طريقة تفكير المجتمع الحديث، ففي عهود سابقة كان ذلك العمل يتم عبر صورة هي أقرب للأعمال الخيرية التي يقوم بها أفراد، فكان السكان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، عندما تبدأ قوافل الحجاج في الوصول إليهما، يبادرون إلى استقبالهم والترحيب بهم، واستضافتهم في منازلهم، ومشاركتهم المسكن والمأكل والمشرب، وهم يقومون بهذه الأعمال بطيب نفس وعفوية متناهية، إحساسا منهم بأن هؤلاء القادمين هم ضيوف حلوا عليهم في المقام الأول، فكانوا يؤثرونهم على أنفسهم، ويتسابقون في إكرامهم، وهناك الكثير من الكتابات التي كتبها الحجاج الذين مروا بهذه التجربة، سردوا فيها بساطة المجتمعات في مكة والمدينة، وكرم أهل المدينتين المقدستين، المستمد من الطباع العربية الأصيلة، والخلق الإسلامي النبيل.في المجتمع المعاصر تطورت أساليب التطوع، وتعددت المجالات التي يسهم فيها أفراد المجتمع السعودي في إكرام الحجيج والمعتمرين والترحيب بهم، بحسب تزايد أعداد الحجيج، واختلاف احتياجاتهم ومستلزماتهم، فظهر شباب الكشافة الذين تلقوا تدريبا عاليا في كيفية التعامل مع الحجيج، والطريقة المثلى للتعاطي مع احتياجاتهم، وتركز عمل هذه الفئة في البداية على الإرشاد ومساعدة التائهين للتعرف على مخيماتهم، واسترداد مفقوداتهم. ورغم أن هذا العمل يبدو للوهلة الأولى بسيطا وميسورا، إلا أن من يطلع عليه يجد أنه مرهق ويحتاج إلى قدرات خاصة، لا سيما أن أولئك الشباب اليافعون يمارسون هذا العمل الكبير في رابعة النهار، وتحت أشعة الشمس الحارة. كما أن هؤلاء الحجيج يختلفون في اللغات التي يتحدثون بها، وكثير منهم من كبار السن الذين ربما لا يملكون القدرة على التعبير عن احتياجاتهم، وربما يكون بعضهم يحمل أفكارا مغلوطة عن كيفية أداء الشعائر، ويتمسك بالقيام بما قد يتعارض مع صحيح الدين، لذلك فإن تقديم الخدمات لهم يحتاج مهارات خاصة وسعة صدر وأناة وحلماً، وهي صفات متوفرة – من واقع مشاهداتي الشخصية – في أولئك الأبطال الذين تصدوا لهذه المهمة الجسيمة.ومن الشخصيات المؤثرة والتي قدمت حياتها لخدمة ضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج خادم ضيوف الرحمن أسامة من فلمبان، بأندونيسيا.وهو من فلمبان، جزيرة أندونيسية جميلة، هي مسقط رأسه عاصمتها جاكرتا، وتتألف أندونيسيا من 17,507 جزيرة. عائلته ترتبط بتاريخ غني بالروحانيات والخدمة لضيوف بيت الله الحرام.أجداده هاجروا من فلمبان إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. بعضهم عاد إلى إندونيسيا، بينما استقر البعض الآخر في مكة المكرمة لخدمة الحجاج. والديه رحمهما الله ولدوا في مكة وعاشوا تحت ضل هذه الأرض المباركة.ومنذ ذلك الحين، هذه الاسرة الأندونيسية تستمر في خدمة ضيوف بيت الله الحرام.وهذه المسؤولية هي شرف عظيم يتمناه كل مؤمن. يشعر أسامة بالفخر والاعتزاز بتراث عائلته وخدماتهم لبيت الله الحرام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى