"مشروع قانون في كنيست الاحتلال: نحو عرقلة أي محاولة لحل الدولتين"
كتبت : علياء الهواري
في خطوة مثيرة للجدل، ناقشت لجنة الدستور في “كنيست” الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا اقتراح قانون جديد ينص على أنه لا يمكن لدولة الاحتلال التنازل عن أراضٍ في الضفة الغربية إلا بموافقة ما لا يقل عن 80 عضوًا من أعضاء الكنيست. وهو ما يعد بمثابة محاولة قانونية لتحديد العوائق أمام أي اتفاق مستقبلي قد يسمح بإقامة دولة فلسطينية، في خطوة قد تؤثر بشكل كبير على مساعي السلام في المنطقة.وفقًا لهذا الاقتراح، الذي تم طرحه من قبل أعضاء في الائتلاف الحاكم، سيكون على حكومة الاحتلال أن تحصل على موافقة أغلبية كبيرة تصل إلى 80 عضوًا في الكنيست قبل الموافقة على أي اتفاق ينطوي على التنازل عن أجزاء من الأراضي في الضفة الغربية. الهدف المعلن لهذا الاقتراح هو ضمان عدم التوصل إلى أي اتفاقيات تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية، التي يعتبرها الاحتلال جزءًا من “أرض إسرائيل” التاريخية.ويعكس هذا الاقتراح نية الحكومة اليمينية في إسرائيل للمضي قدماً في تعزيز سيطرة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، في وقت حساس تتزايد فيه الدعوات الدولية لإحياء مفاوضات السلام وخلق حل الدولتين. ومن خلال هذا القانون، تأمل الحكومة الإسرائيلية في إحباط أي مسعى قد يؤدي إلى انسحاب من الأراضي الفلسطينية أو إقامة دولة فلسطينية.من المعروف أن الضفة الغربية والقدس الشرقية هما أبرز نقاط النزاع في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. حيث تتمسك حكومة الاحتلال بحقها في السيطرة على هذه المناطق التي يطالب الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم المستقبلية. لذا فإن اقتراح القانون يأتي في سياق تعزيز السيطرة الإسرائيلية على هذه الأراضي، في حين تُسعى بشكل غير مباشر إلى تقويض أي عملية تفاوضية قد تُفضي إلى قيام دولة فلسطينية.إضافة إلى ذلك، فإن القدس، التي أعلنتها إسرائيل عاصمة لها في خطوة أحادية الجانب لم تحظَ باعتراف دولي واسع، تعتبر نقطة خلاف رئيسية. ومما لا شك فيه أن هذا القانون يسعى لضمان بقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، ويمنع أي تحركات دولية قد تؤدي إلى التوصل إلى تسوية حول وضع المدينة.من جانبهم، أبدى الفلسطينيون استنكارهم لهذا الاقتراح، مؤكدين أن أي محاولة لعرقلة الحلول السياسية تؤدي إلى استمرار المعاناة في المنطقة. كما اعتبروا أن هذا القانون يُعزز من حالة الاحتلال ويغلق باب أي حل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وقالوا إن هذا القانون يعكس تجاهلًا واضحًا لحقوق الفلسطينيين المشروعة في تقرير مصيرهم، ويزيد من تعقيد الوضع في المنطقة.وعلى الصعيد الدولي، أثار الاقتراح ردود فعل متباينة، حيث أعرب العديد من الدول عن قلقها من تداعيات هذا القانون على عملية السلام في الشرق الأوسط. فالدعوات إلى حل الدولتين، التي تعدها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة، تتعرض لضغوط إضافية نتيجة مثل هذه التشريعات التي تجعل التوصل إلى تسوية سلمية أكثر صعوبة.يُعتبر هذا الاقتراح جزءًا من تحركات متواصلة في إسرائيل لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وتوسيع نطاق السيطرة الإسرائيلية عليها. وعلى الرغم من أن هذا القانون قد لا يمر بسهولة في الكنيست بسبب المعارضة التي قد يواجهها من بعض الأطراف السياسية، إلا أن طرحه يعكس تغيرًا ملموسًا في السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وهو يعزز شعورًا متزايدًا بعدم التوافق مع المجتمع الدولي في هذا الصدد.من المتوقع أن تكون هناك تداعيات طويلة الأمد إذا تم تمرير هذا القانون. فقد يؤدي إلى تعزيز الانقسامات السياسية داخل إسرائيل نفسها، حيث سيواجه هذا الاقتراح معارضة قوية من بعض الأحزاب التي تدعو إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين. كما سيزيد من تعقيد جهود الوساطة الدولية ويدفع المنطقة إلى مزيد من الجمود السياسي.إن هذا الاقتراح لا يعكس فقط رغبة في الحفاظ على الوضع القائم، بل يعزز من التصعيد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويزيد من فرص عدم التوصل إلى تسوية دائمة. وفي وقت تتزايد فيه الدعوات من قبل المجتمع الدولي لإحياء مفاوضات السلام، فإن مثل هذه التشريعات تهدد بإغلاق الباب أمام أي أمل في تحقيق حل الدولتين، مما يساهم في تعميق الأزمة الإنسانية والسياسية في المنطقة.