"الفوضى الخلاقة : مخطط لتدمير الجيوش العربية ومصر في خط المواجهة"
بقلم : علياء الهواري
تعد نظرية “الفوضى الخلاقة” من أخطر الاستراتيجيات التي أُرِيدَ لها أن تُعيد تشكيل المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين. إذ تتجاوز هذه النظرية كونها فكرة سياسية عابرة لتتحول إلى أداة فعالة تُستخدم من قبل القوى الكبرى لتقويض الأنظمة العربية وإعادة رسم الحدود وفقاً لمصالحها الاستراتيجية. في هذا المقال، سنتناول جذور هذه النظرية وآليات تطبيقها، وأثرها المدمر على استقرار المنطقة، مع تسليط الضوء على دور الجيش المصري كحصن منيع يواجه هذا التيار العاتي.
جذور نظرية الفوضى الخلاقة:
بدأت فكرة “الفوضى البناءة” أو “الفوضى الخلاقة” في منتصف القرن العشرين، كتصور يرى أن الفوضى قد تكون وسيلة لتحقيق نظم سياسية جديدة، ولكن بتوظيف سياسي موجه، تم تكييفها لتصبح أداة لصالح مصالح القوى الغربية. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت القوى الكبرى في استغلال هذه الفوضى لتنفيذ مشاريعها في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، سواء لتوسيع نفوذها أو للهيمنة على موارد المنطقة.
الآليات المدمرة لتطبيق الفوضى الخلاقة:
تعتمد الفوضى الخلاقة على مجموعة من الأدوات التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، من أبرزها:
دعم الجماعات المعارضة:يتم تمويل الجماعات المسلحة المعارضة لإشعال صراعات داخلية في البلدان المستهدفة.
إثارة الفتن الطائفية والعرقية: استغلال الانقسامات الطائفية والعرقية لتحفيز النزاعات الأهلية وتفكيك المجتمعات.
الحرب الإعلامية: استخدام الإعلام كأداة لنشر الشائعات والتشويهات، وتشويه صورة الأنظمة الحاكمة.
التدخل العسكري: التدخل المباشر في بعض الحالات لإسقاط الأنظمة وإعادة تشكيل السلطة وفقاً للرغبات الخارجية.
العقوبات الاقتصادية: فرض العقوبات الاقتصادية التي تساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية وتقويض قدرة الحكومات على استقرار البلاد.
الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد:
يرتبط مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ارتباطًا وثيقًا بنظرية الفوضى الخلاقة. فهو مشروع يُرَكِّز على تفتيت الدول العربية إلى كيانات صغيرة ضعيفة، وبالتالي يمكن السيطرة عليها بسهولة. الأهداف الرئيسية لهذا المشروع تشمل:
تفتيت الدول العربية: إنشاء كيانات هشة بدلاً من الدول القوية الموحدة، مما يسهل التحكم بها.
إضعاف النفوذ الإيراني:الحد من القوة الإقليمية لإيران في المنطقة.
حماية أمن إسرائيل: خلق بيئة إقليمية آمنة لإسرائيل عبر تدمير الجيوش العربية.
السيطرة على مصادر الطاقة: الهيمنة على منابع النفط والغاز التي تُعتبر شريان الحياة للاقتصاد العالمي.
تفكيك الجيوش العربية: هدف استراتيجي:
تسعى القوى الغربية، عبر الفوضى الخلاقة، إلى إضعاف الجيوش العربية التي تشكل العنصر الأساسي في قوة الدول العربية وأمنها. الجيوش هي الحواجز الأولى التي تمنع السيطرة الأجنبية، لذلك فإن استهدافها يصبح أولوية لهذه القوى. الطرق المتبعة لتحقيق ذلك تشمل:
التغذية المستمرة للصراعات الداخلية: لتفكيك تماسك الجيش وزعزعة ولاءاته.
الحروب النفسية والإعلامية: نشر الأكاذيب والاتهامات لتشويه صورة الجيش وزعزعة معنويات الجنود.
تمويل الفصائل المسلحة التي تقوض قدرات الجيش وتحرض على النزاع الأهلي.
في خضم هذه الفوضى، تبرز مصر كآخر جيوش عربية صامدة في مواجهة هذه الاستراتيجية. الجيش المصري يمتلك تاريخًا طويلًا من النضال ضد القوى الاستعمارية، وقد أثبت مرارًا قدرته على الصمود في وجه التحديات الداخلية والخارجية. يمثل الجيش المصري أكثر من مجرد مؤسسة عسكرية، فهو رمز للوحدة الوطنية، وقادر على حشد الشعب المصري في مواجهة أي تهديد.
الوعي الكامل بالمخاطر: يدرك الجيش المصري تمامًا حجم التهديدات التي تواجهها المنطقة.
التماسك الداخلي: يتمتع الجيش المصري بوحدة داخلية تجعل منه قوة قادرة على التصدي للمؤامرات.
لدعم الشعبي:يحظى الجيش المصري بتأييد واسع من الشعب، مما يعزز من قدرته على الصمود.
التطوير المستمر: لا يتوقف الجيش المصري عن تحديث قدراته ومعداته بما يتماشى مع التطورات العسكرية الحديثة.
بينما تمثل الفوضى الخلاقة تهديدًا وجوديًا للعديد من الدول العربية، فإن الجيش المصري يبقى الخط الدفاعي الأول ضد هذا المخطط. ورغم محاولات القوى الكبرى لتدمير الجيوش العربية، يظل الجيش المصري رمزًا للوحدة الوطنية ومحصنًا ضد هذه المخاطر.
لمواجهة هذا التحدي الجيوسياسي، يجب على الدول العربية العمل على تعزيز تعاونها في مواجهة المخاطر المشتركة، وتكثيف جهودها لمكافحة الإرهاب والفوضى، وتطوير الاقتصادات المحلية لتقليل الاعتماد على القوى الخارجية، وخلق بيئة من الحوار والتفاهم الداخلي لحل الأزمات.
ختامًا، رغم تعقيد التحديات وصعوبة المواجهات، فإن إرادة الشعب العربي وجيوشه ستظل أقوى من أي مشروع خارجي يسعى لتفتيت الأمة.