Uncategorized

أحمد الجويلي يكتب.. إعلام الإخوان: تدليس ممنهج واستراتيجية تهدد الدولة الوطنية

يبدو أن جماعة الإخوان وتشكيلاتها الإعلامية والاجتماعية، بما في ذلك كتائبها الإلكترونية، قد خرجوا عن صمتهم المتعمد خلال الفترة الماضية. استأنفت الكتائب الإخوانية، حملاتها الممنهجة لتزييف الحقائق، خاصة فيما يتعلق بالأحداث الجارية في سوريا كأنها شرارة لبدء العمل وعودة الضغط الإعلامي المكثف. يدعي هؤلاء أن وجود فصائل مسلحة معارضة للنظام السوري أمر طبيعي، متجاهلين أن مثل هذه الأفكار تؤصل مفهوم خطير، وهو شرعنة المعارضة المسلحة في الدول العربية وهو ما يدعو لكارثة تهديد الدول الوطنية لاسيما أن موارد الشرق الأوسط محط أنظار العالم الاستعماري منذ القدم، وهذه الأساليب متعارف عليها لتفكيك الدول إلى أقسام ودويلات على أساس اما مذهبي أو عرقي أو ديني فكيف نسمح لأنفسنا بهدم أهم مكتسب هو الأمان ونعطي بأيدينا المساحة للدول الاستعمارية للتدخل لتعيث في الأرض الفساد. وإن كنا قد نختلف على طبيعة الظروف السياسية المحيطة ولكن علينا أن نتفق على مبدأ ديمقراطي يكون في الإطار الشرعي لصالح المواطن ليصل بالدول إلى بر الأمان.

الدولة الوطنية بين التحول السلمي والمعارضة المسلحة

رغم الخلافات السياسية حول القيادة في سوريا أو ليبيا أو السودان وجميعهم لهم خصوصية بحد ذاتها تجاه مصر، فإنه أتفق الجميع على ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية. وأن يكون أي تحول سياسي يجب أن يكون في إطار ديمقراطي وسلمي، يهدف لتحقيق مصلحة المواطن وحقن الدماء. ومع ذلك، تسعى الجماعة الإخوانية لترسيخ فكرة المعارضة المسلحة، وهي فكرة تخدم القوى الاستعمارية التي تستهدف تفكيك الدول العربية وتحويلها إلى كيانات ضعيفة يسهل السيطرة عليها. المهم بالنسبة للإخوان هو الوصول إلى السلطة، حتى لو كان ذلك بتحالفات تضامنية مع الاحتلال. الإخوان تاريخهم مليء بالاستقواء بالجهات الاستعمارية منذ نشأتها على يد حسن البنا وإلى الآن، الوصول للسلطة عقيدة يسعون لتحقيقها ولو كان على رقاب المسلمين والأبرياء الذين يدعون انهم موجودين من أجل نصرتهم.

طالبان.. نموذج مزيف لتحقيق الأهداف الاستعمارية

يتكرر حديث الإخوان عن طالبان باعتبارها نموذجًا ناجحًا للثورة المسلحة، مدعين أنها أسقطت النفوذ الأمريكي في أفغانستان. هذا الادعاء يتجاهل الحقائق، إذ أن الانسحاب الأمريكي كان جزءًا من اتفاقيات استراتيجية، لتكون أفغانستان في ثوب “طالبان” نقطة انطلاق رسمية وقانونية دولية للجماعات المسلحة بإتجاه العالم وليس نتيجة انهيارعسكري للولايات المتحدة الأمريكية. الترويج لهذا النموذج يخدم مصالح الجماعة في تعزيز شرعية العنف كوسيلة للتغيير السياسي وتقديم نموذج مجتمعي شامل مشوه ومختل عن الإسلام والمسلمين ويعزز مرحلة التحول الدولي للفزضى حتى يصبح الأمن سلعة لابد أن تملك ثمنها وإلا التحول بعنف سياسيا واقتصادياً واجتماعياً وإن شئت قل ديموغرافياً.

ازدواجية المواقف تجاه إيران والتفاهمات الدولية

ومن المثير للدهشة أن الإخوان لزموا الصمت تجاه إيران خلال فترة التفاهمات الأمريكية مع إدارة بايدن. رغم تاريخهم الطويل في تأجيج الصراعات المذهبية وهم أول من قاموا بتأصيل تلك الاستراتيجية بل كانت نقطة انطلاقها الأساسي على اساس انهم شيعة وهم نسبة قليلة بالنسبة للسنة في المجتمع الإسلامي، وحين كنا ندعوا لحوار اسلامي يقرب بين أصحاب المذهبين الشيعي والسني كانوا ينعتونا، وإياهم بالكفر المبين! أما الآن فقد لجأوا إلى تبرير تغيير مواقفهم وكل ارائهم الممتدة تجاه الجانب الإيراني بحجة دعم “المقاومة”، وهو تناقض يعكس براغماتية الجماعة واستعدادها لتغيير مواقفها وفقًا لمصالحها في أي وقت، ويَستجلي مدى تغييب أو إن شئت قل تبعية مطلقة لكل من ينتمي لهذه الجماعة. وجنوحهم إلى الجانب التركي الذي كان ولا يزال يُعبر عن رعايته للجماعات الإرهابية بكل وضوح ليس عن حب مفرط لهؤلاء الجماعات ولا رغبة إلا في إعادة الإمبراطورية الاستعمارية العثمانية في ثوب جديد، ومهما بلغ حجم التقارب الحالي الذي توقعته في ذروة الهجوم التركي وقت أن رحل حكم الإخوان عن مصر، فإن العقبة الأهم في الهيمنة الكاملة للأتراك على الإقليم هي مصر، والإدارة الأمريكية بقيادة ترامب تعزف على هذا الوتر بشكل مميز، ولهذا تستخدم الجماعات المسلحة في سوريا حتى تعطي رسالة للإدارة الأمريكية الحالية أنها قادرة على تحجيم النفوذ الإيراني، بالإضافة لبعض المكاسب المالية الضخمة في عمليات تهريب السلاح والأموال وبيع المازوت، بشكل غير شرعي لضرب اقتصاد الخليج النفطي بشكل مؤثر، واخيرا عمليات بيع وتهريب الآثار عبر العصابات الإجرامية الدولية بالتعاون مع هذه الفصائل المسماة “معارضة مسلحة” وهنا تخرج عن كونها معارضة مسلحة وتدخل في نطاق المليشيات التي تهدد استقرار الأمن القومي للدول.

شكوك المصالحة ولو كانت ذات شروط صارمة

انطلاقًا من هذه الوقائع، أدعو الدولة المصرية لعدم قبول أي مصالحة معش الجماعة إلا بعد استتابة وتبرؤ كامل ، واعتذار علني واضح وصريح عن تاريخهم وأفعالهم. حتى في حالة الإبراء العلني، يبقى الحذر واجبًا؛ إذ أن فتاوى الجماعة المتجددة من مرشديهم على مر العصور واضحة تَعتبر الكذب على الأنظمة “غير الإسلامية” وهم كل نظام لا يحكم بحكمهم أو يختلف معهم في مشاريعهم النظرية والعملية، وسيلة مشروعة بل هو تقرب إلى الله عز وجل، مما يجعل مصداقية اعتذارهم محل شك.

الرهان على مصر ورجالها المخلصين

يبقى الرهان على مصر العزيزة، برجالها المخلصين، في مواجهة هذه التحديات. واجبنا القومي هو التوعية، والعمل الدؤوب، والدعاء للوطن بالانتصار. فما يحدث حول مصر ما هو إلا وسيلة تستهدفها كهدف رئيسي، لكننا على ثقة بأن مصر ستظل عصية على كل المؤامرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى