اراء ومقالات

الحرية بين الأمل والتحدي09-11-2024

بقلم : د : خالد السلامي

إن اليوم العالمي للحرية ليس مجرد تذكير بحقوق مكتسبة أو هبات من القوى العليا؛ بل هو قصة البشرية منذ بداياتها، صراع مستمر بين ما يمكن أن نملكه وما يمكن أن يُسلب منا. يحتفل العالم في التاسع من نوفمبر بقيمة أساسية تنبض في قلب كل إنسان، مهما اختلفت ألوانهم أو لغاتهم أو أديانهم. إنها الحرية، ذلك الطيف الذي يحلق فوق رؤوسنا كنسمة باردة أو كفكرة حارة في ذهن من يعيش مقيداً. الحرية ليست مجرد بابٍ مفتوح أو قيدٍ مكسور؛ هي طاقة تنطلق بنا لنعيش الحياة كاملة، بنجاحاتها وتحدياتها، بعمقها وسطحيتها، هي الرؤية التي تمكن الفرد من أن يختار طريقه ويسلكه بكرامة وأمل، بعيداً عن كل ما يُملى عليه أو يقيده. قد يظن البعض أن الحرية تعني الخروج عن القيود أو الهروب من المسؤولية، لكنها في عمقها تتجلى كتحقيق للقيم الإنسانية العليا؛ كأن تنبثق من الإنسان ذاته قرارات واعية وإرادات حرة قادرة على تحقيق الخير للآخرين. على الرغم من كل هذا، فإن الحرية تُواجه اليوم بتحديات معقدة. لقد أصبحت أصوات العبودية الحديثة تلوح في الأفق بشكل غير معلن، حتى من خلال التكنولوجيا المتقدمة أو القيود الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية. نجد البعض محصوراً في زنازين افتراضية من الخوف والصوت المسلوب، مقيدين بمنظومات تتداخل بين العالم المادي والعالم الرقمي. أضف إلى ذلك، الحرية لا تنحصر فقط في إطلاق الفكر والأفعال، بل إنها قد تكمن أيضاً في كيفية النظر إلى الآخر. إنها تدفعنا لاحترام الحريات الفردية لكل فرد، وتحثنا على قبول الاختلافات بتنوعاتها الواسعة. فهي الدرب الذي نسلكه بفخر لنسهم في بناء مجتمعات عادلة ومتسامحة، تتيح لكل فرد أن يختار حياته دون قيود ظالمة أو تدخلات غير مبررة. يُذكرنا اليوم العالمي للحرية بأن الطريق نحو تحقيق الحرية الحقيقية طويل ومليء بالعقبات، يتطلب شجاعة وإصراراً. إنها ليست قطعة من سماء تُسقط علينا بغير ثمن، بل هي نبتة يجب رعايتها، وسقيها بمعاني الصبر والوعي والأمل. كل إنسان يحقق حريته بطريقته، وبعضهم قد يضطر للقتال من أجلها، وبعضهم الآخر قد يجدها في لحظة صدق مع نفسه. الحرية ليست امتلاك كل شيء، بل هي القدرة على التخلي عن شيء من أجل شيء أعظم، هي القدرة على الإبداع والانفتاح وتقبل الحياة كما تأتي، بأعبائها وبهجتها، بيسرها وصعوباتها. في دولة الإمارات العربية المتحدة، تأتي الحرية بصور شتى، تلتقي فيها الأصالة بالحداثة، حيث تأسست هذه الدولة على قيم التسامح واحترام التعددية منذ نشأتها، ملتزمة بتعزيز كرامة الإنسان وإعلاء حقوقه ضمن رؤية استراتيجية متكاملة. فالحرية في الإمارات لا تعني فقط احترام الحقوق الشخصية والسياسية، بل تتجلى في فتح مسارات واسعة للتنمية البشرية والاقتصادية، حيث يحق لكل فرد أن يجد فرصاً متكافئة للتعبير عن ذاته وتطوير قدراته. تعزز الإمارات مفهوم الحرية عبر توفير بيئة تعزز الابتكار وريادة الأعمال، مما يجعلها وجهة جاذبة للعقول المبدعة من مختلف أنحاء العالم. ففي هذا المجتمع الديناميكي، تتحول الأفكار إلى مشاريع، والطموحات إلى حقائق، وذلك ضمن إطار من الحرية المسؤولة، التي تحترم القيم والأخلاقيات، وتسهم في بناء مجتمع حديث ومتقدم. التسامح والحرية في التنوع الثقافي الإمارات والحرية.. نحو نموذج مشرق في ظل التنوع الثقافي الذي يزخر به المجتمع الإماراتي، يتمتع الأفراد من مختلف الجنسيات والأديان بحرية ممارسة طقوسهم ومعتقداتهم الدينية والثقافية، في جو من الانفتاح والتسامح. فالحرية في الإمارات تتجلى في هذا التعايش السلمي الذي يجمع الناس من أكثر من 200 جنسية، يعملون ويعيشون بانسجام وتفاهم، ويجعلون من الإمارات موطناً يعبر عن ألوانهم المختلفة وثقافاتهم الغنية. تشكل الإمارات حاضنة للإبداع والفكر الحر، فتدعم المبدعين في مجالات متنوعة كالفن، والأدب، والعلوم، والتكنولوجيا. وقد أسهمت المبادرات الوطنية، كجائزة الشيخ زايد للكتاب، ومعرض دبي الدولي للكتاب، في إيجاد مساحة مفتوحة للأفكار الحرة والنقاشات البناءة. كما أن المبادرات الثقافية والفنية تشجع الأجيال الجديدة على التعبير عن نفسها بطرق مبتكرة، مما يعزز حرية الإبداع والنمو الفكري في المجتمع. الحرية في إطار التنمية والاستدامة حرية الفكر والإبداع الإمارات لا ترى الحرية كغاية فردية فحسب، بل كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع ككل. من خلال السياسات الاقتصادية المنفتحة والمبادرات البيئية المبتكرة، تسعى الإمارات لتعزيز حرية الأجيال القادمة في العيش في بيئة مستدامة ومتوازنة. إن مشاريع الطاقة المتجددة، مثل مدينة مصدر، والمبادرات المتعلقة بالحفاظ على التنوع البيئي، هي جزء من رؤية الإمارات لضمان أن تتمتع الأجيال المقبلة ببيئة نظيفة وآمنة، مما يعكس قيمة الحرية في اتخاذ خطوات مسؤولة للمستقبل. تعتبر الإمارات من الدول الرائدة في دعم حرية المرأة وتمكينها في جميع المجالات، حيث تشغل النساء مناصب قيادية مرموقة، ويشاركن بفعالية في الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية. وتكمن هذه الحرية في منح المرأة الإماراتية الحقوق الكاملة لتكون شريكاً مساوياً في بناء الوطن، وتطوير المجتمع، انطلاقاً من إيمان الدولة بأهمية مشاركة الجميع في تحقيق النهضة والتقدم. ختاماً، تأتي الحرية في الإمارات كدعامة أساسية ضمن منظومة متكاملة، تسعى لتحقيق مستقبل زاهر للجميع، حيث يتضافر العمل الحر والإبداع والتسامح والاحترام ليشكلوا نموذجاً فريداً في منطقة الشرق الأوسط، يعكس عزم الدولة على مواكبة الحداثة مع المحافظة على القيم الإنسانية النبيلة. فلنكن أحراراً في رؤانا، في أفكارنا، في أحلامنا، في حياتنا المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي. عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي حائز على جائزة أفضل شخصيه مجتمعية داعمه لعام 2024 .رؤية الإمارات نحو تمكين المرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى