المتحدث باسم السفارة الصينية لدى مصر: لا فائز في الحرب الجمركية و الحمائية طريق مسدود

كتبت: فاطمة بدوى
قال المتحدث الرسمي باسم سفاره الصين بالقاهرة تشو شياو تشونغ :
في الآونة الأخيرة، فرضت الحكومة الأمريكية رسوما جمركية إضافية بنسبة 20% على المنتجات الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة بذريعة ما يسمى بـ”الفنتانيل”. لا يشكل ذلك تشويها خطيرا للحقائق فحسب، بل يعد مثالا واضحا لنزعة الأحادية والحمائية. في مواجهة الاتهامات الباطلة والضغوط التجارية من الجانب الأمريكي، اتخذت الصين الإجراءات المضادة بحزم، حفاظا على حقوقها ومصالحها المشروعة، الأمر الذي يعكس التزامها بالمبادئ والخط الأحمر في الشؤون الدولية.
في الحقيقة، لا تعود جذور مشكلة الفنتانيل في أمريكا إلى الصين، بل إلى الولايات المتحدة بالذات. وفقا لإحصاءات الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، إن الولايات المتحدة هي أكبر منتج ومستهلك لمواد الفنتانيل على مستوى العالم، حيث يستهلك سكانها الذي يشكل 5% من سكان العالم حوالي 80% من المواد الأفيونية عالميا. وقامت وكالة باستطلاع رأي أكثر من 3000 أسرة أمريكية حول الفنتانيل، ورأت الغالبية العظمى أن المسؤولية الرئيسية عن هذه المشكلة تقع على عاتق عصابات المخدرات والمدمنين والحكومة الأمريكية. تاريخيا، عانت الأمة الصينية من ويلات المخدرات، فيكره الشعب الصيني المخدرات بشدة. وظلت الصين تكافح تهريب وتصنيع المخدرات بحزم، وتتخذ سياسات مكافحة المخدرات الأكثر صرامة وشمولا في كل أنحاء العالم. كما تهتم الصين بتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، حيث تعاونت بشكل معمق مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول في مكافحة مواد الفنتانيل ومكوناتها الأولية، وحققت نتائج ملموسة. في عام 2019، أصبحت الصين أول دولة في العالم تُدرج جميع مواد الفنتانيل في قائمة المراقبة استجابة لطلب الجانب الأمريكي.
إن تذرّع الولايات المتحدة بالفنتانيل لفرض رسوم جمركية إضافية على الصين يمثل انتهاكا خطيرا لقواعد منظمة التجارة العالمية، ويفسد العلاقات الاقتصادية والتجارية الطبيعية بين البلدين، ويخل باستقرار سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، ويعيق التنمية الاقتصادية العالمية، ويضر بمصالح الشعب الأمريكي والشركات الأمريكية. خلال السنوات الخمس الماضية، اضطرت الشركات الأمريكية لرفع الأسعار وقبول الأرباح المنخفضة وخفض الأجور وتسريح العمال بسبب الرسوم الجمركية الإضافية. في الواقع، تحمّل المستوردون الأمريكيون معظم تكاليف هذه الرسوم الجمركية، وقاموا بتمريرها إلى المستهلكين الأمريكيين، وذلك بمثابة رفع الحجرة لتسقط على قدميه. في هذا السياق، بعد إعلان الجانب الأمريكي قبل أيام عن فرض الرسوم الجمركية الإضافية، انخفضت المؤشرات الثلاثة الرئيسية في سوق الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ.
وطرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي خمسة أسئلة للولايات المتحدة خلال المؤتمر الصحفي قبل أيام: يجب على الولايات المتحدة أن تراجع نتائج الحروب الجمركية والتجارية في السنوات الأخيرة، هل تقلص العجز التجاري أم لا؟ هل ازدادت القدرة التنافسية للصناعات الأمريكية أم لا؟ هل تحسنت مشكلة التضخم أم لا؟ هل تحسنت حياة المواطنين أم لا؟ إن هذه الأسئلة تشبه مرآة تعكس الثمن الباهظ الذي دفعته الولايات المتحدة في الحرب التجارية، وتطلق نداء إلى المجتمع الدولي مفاده: لا فائز في الحرب التجارية، والحل الوحيد لجميع القضايا الكونية يكمن في التعاون.
ظلت الصين تهتم بتنمية نفسها مهما تغيرت الأوضاع الدولية. ونعمل بحزم على تحقيق تنمية عالية الجودة وانفتاح عالي المستوى، حيث نظمنا معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي لسلاسل التوريد لسنوات عديدة متتالية، ومنحنا معاملة التعرفة الجمركية الصفرية لجميع المنتجات القادمة من الدول أقل نموا الـ43 التي أقامت العلاقة الدبلوماسية مع الصين، وخفضنا المستوى الجمركي للصين إلى مستوى قريب من الدول المتقدمة، وألغينا جميع القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع. في هذا السياق، أكد “تقرير الانفتاح العالمي 2024” على ارتفع مؤشر انفتاح الصين بنسبة 11.89% بالمقارنة مع ما كان عليه في عام 2008. وقد وقعت الصين 23 اتفاقية التجارة الحرة مع 30 دولة ومنطقة، بصفتها الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 150 دولة ومنطقة. في عام 2024، ارتفع حجم الاقتصاد الصيني إلى مستوى جديد، وبقيت الصين كمحرك مهم لنمو الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يثبت أن المحاولات الأمريكية لاحتواء الصين ومضايقتها تبوء بالفشل.
خلال اجتماعي مجلس النواب والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني اللذين اختتما مؤخرا، أكد الأمين العام شي جين بينغ على ضرورة “توسيع الانفتاح المؤسسي بخطوات متزنة” في الصين، ويجب على المقاطعات القوية اقتصاديا “القيام بدور رائد في تعميق الإصلاح والانفتاح عالي المستوى”. كما أكد تقرير عمل الحكومة بوضوح ضرورة توسيع الانفتاح عالي المستوى. إن الصين ستفتح أبوابها بشكل أوسع فأوسع، وهو خيارنا الاستراتيجي القائم على حاجاتنا للتنمية الذاتية ومسؤوليتنا تجاه العالم.
لا بد للصين والولايات المتحدة، كونهما أكبر دولة نامية وأكبر دولة متقدمة في العالم، التعايش بشكل سلمي. ويجب على الحكومة الأمريكية أن تحترم الحقائق، وتتوقف عن تسييس قضيتي الفنتانيل والتجارة، وتتشاور مع الصين على أساس المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة، لمعالجة الانشغالات لكلا الجانبين.