فنزويلا تعلن موقفها من تدخل مجلس الأمن الدولى في الشؤون الداخلية للشعب الفنزويلي
كتبت: فاطمة بدوى
خلال السنوات الأربع الماضية، عاشت جمهورية فنزويلا البوليفارية في سلام تام، وذلك على الرغم من الاعتداءات الممنهجة والمُنفذة من الخارج، بما في ذلك ما يكون نتيجة اللجوء المستمر إلى شن هجمات على البنية التحتية الحيوية لفنزويلا أو التهديد باتخاذ إجراءات قسرية أحادية الجانب إضافية ضد الأمة. وبالفعل، فخلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 28 يوليو 2024، وكذلك في التاريخ نفسه والأيام التي تلت العملية الانتخابية المعنية، فقد ساد السلام في جميع أنحاء البلاد، باستثناء يومين (2) محددين. وبالتالي، فمن المهم تسليط الضوء على أنه لا يوجد في الوقت الحاضر أي نزاع أو عنف مستمر من أي نوع كان. وبالتبعية، فإن الطلب من مجلس الأمن مناقشة “الوضع في فنزويلا” هو طلب مبتذل، حيث لا يوجد أي تهديد للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وهو ما يمثل الاختصاصات الأساسية لتلك الهيئة، وفق ما ورد في المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة. فلا يمكن اعتبار الطلب من مجلس الأمن مناقشة “الوضع في فنزويلا” إلا جزءا من الجهود، لمواصلة حملات من البروباجاندا والتضليل والتزييف بشأن حقيقة الوضع في فنزويلا، من ناحية. ومن ناحية أخرى، محاولة خلق “زخم” في الفترة التي تسبق انعقاد الدورة السابعة والخمسين لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة (جنيف، 9 سبتمبر إلى 11 أكتوبر 2024) والجزء الرفيع المستوى من الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة(نيويورك، 22-30 سبتمبر2024). في 28 يوليو 2024، أجرت جمهورية فنزويلا البوليفارية العملية الانتخابية و التي جرت بطريقة سلمية ومدنية، وبمشاركة أكثر من 12 مليون فنزويلي، إلا أن النظام الانتخابي – الإلكتروني بطبيعته – كان هدفًا للتعرض لهجمات إلكترونية واسعة النطاق، لا سيما ضد نظام نقل سجلات التصويت إلى مقر المجلس الوطني الانتخابي. وبفضل البروتوكولات الأمنية وضمانات النظام المعمول بها، فلم تتعرض العملية الانتخابية ونتائجها للخطر. وفي الصباح الباكر من يوم 29 يوليو 2024، أصدر المجلس الانتخابي الوطني أول بيان له، معلنًا إعادة انتخاب فخامة السيد نيكولاس مادورو موروس رئيسًا لجمهورية فنزويلا البوليفارية. وقد اعترف ثمانية مرشحين من أصل عشرة مرشحين بالسلطة الدستورية للمجلس الوطني الانتخابي. ومن المهم أن نتذكر أنه لا توجد دولة تعترف بمرشح رئاسي كفائز في انتخابات رئاسية محددة فقط من خلال إجراء معلن ذاتيًا.. وفي فنزويلا، فإن أي إجراء للإعلان يقوم به كيان آخر غير المجلس الانتخابي الوطني يعد انتهاكًا صريحًا للأطر القانونية. وفي يومي 29 و30 يوليو 2024، تم الإبلاغ عن وقوع أعمال عنف في بعض مدن جمهورية فنزويلا البوليفارية، تركزت بشكل رئيسي على الهجمات التي استهدفت المقار الإقليمية للمجلس الوطني الانتخابي. ومع ذلك، وكما كان الحال في المملكة المتحدة في التواريخ ذاتها، تمكنت الحكومة التي تسيطر بشكل فعال على البلاد وتمارس من خلال تطبيق القانون السيطرة الفعلية على البلاد، من احتواء الوضع وضمان أن يعم السلم الاجتماعي في البلاد. في 31 يوليو 2024، قام رئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية، بتقديم دعوى قضائية أمام الدائرة الانتخابية لمحكمة العدل العليا لجمهورية فنزويلا البوليفارية، من أجل الفصل، بالوسائل القضائية، في نتائج الانتخابات. وقد استدعت الدائرة الانتخابية لمحكمة العدل العليا لجمهورية فنزويلا، 2 اغسطس 2024، جميع المرشحين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 يوليو 2024. وقد حضر جميع المرشحين جلسة الاستماع المعنية، باستثناء السيد إدموندو جونزاليس أوروتيا، الذي لا يزال في حالة تغيب غير مبرر. كما هو معروف ومشهور ومتداول، استدعى مكتب المدعي العام التابع للجمهورية، المرشح السابق، إدموندو جونزاليس، من أجل الأدلاء بشهادته في عدة اتهامات موجهه ضده مثل: الاستيلاء على الوظائف، وتزوير وثائق عامة، والتحريض على عصيان القوانين، والتآمر، وتخريب الانظمة، وجرائم الجمعيات. كما أنه استُدعي لثلاث جلسات ولم يحضر؛ ولهذا السبب أصدر مكتب المدعي العام مذكرة اعتقال في 2 سبتمبر الماضي 2024. وفي 4 من سبتمبر ذهب محامي السيد إدموندو جونزاليس، خوسيه فيسنتي هارو، الي مكتب المدعي العام. وذكر المدعي العام، طارق وليم صعب، أن المحامي هارو قدم بلاغا نيابة عن إدموندو جونزاليس، واقر كلا من المحامي والمرشح السابق صلاحيات النيابة العامة في إجراء التحقيقات. قال محامي إدموندو جونزاليس في تصريحاته اللاحقة للاجتماع، أن موكله ليس له علاقة بالصفحة الالكترونية التي نُشر عليها المحاضر الانتخابية المزعومة (المرفقة بمقطع تصويري). وأنه ليس له علاقة بجمع تلك المحاضر أو تحويلها الى صيغة رقمية أو حتى نشرها. ويعني ذلك، أنهم استخدموا تلك الصفحات والمحاضر المزعومة بهدف الاتهام بوجود عملية تزوير مزعومة، والآن يدعي المرشح السابق أنه لا يعلم مصدرها ولا مصدر نشرها. ولهذا السبب لم يرغب السيد إدموندو جونزاليس في الحضور إلى محكمة العدل العليا ولم يرغب في تقديم الأدلة المزعومة التي كانت بحوزته المتعلقة ب “انتصاره” المفترض في الانتخابات. بمعنى، أنه لم يكن لدى أحزاب المعارضة التي رشحته أي محاضر، وفقًا لما ذكروه في محكمة العدل العليا، وكذلك مرشح المعارضة السابق. وقد طُلب من مجلس الانتخابات الوطني والمرشحين الرئاسيين السابقين وممثلي الاحزاب السياسية الثمانية والثلاثين (38)، أن يقدموا أمام الدائرة الانتخابية في محكمة العدل العليا المواد الانتخابية التي بحوزتهم، بالإضافة إلى الأدلة المتعلقة بالهجوم الالكتروني ضد النظام الانتخابي، حتى يتسنى اخضاعها لتحليل دقيق ومفصل على يد خبراء وطنيين ودوليين، تبعًا لأعلى المعايير التقنية والوطنية والدولية. صدر التقرير النهائي لفريق الخبراء في 20 اغسطس 2024. وخلص التقرير إلى “النشرات الصادرة عن المجلس الوطني الانتخابي المتعلقة بالانتخابات الرئاسية 2024، مدعومة بوثائق صادرة عن كل آلة من آلات التصويت المستخدمة في عملية الانتخاب، وأيضا، تلك الوثائق تتطابق بالكامل مع سجلات قواعد بيانات مراكز الفرز الوطنية”. أصدرت الدائرة الانتخابية التابعة لمحكمة العدل في جمهورية فنزويلا البوليفارية، في 22 أغسطس 2024، حكمًا نهائيًا في القضية، والذي قامت بموجبه، من بين أمور اخرى، بالتأكيد على المواد الانتخابية التي قُيمت بشكل لا يمكن الطعن فيه، وأقرت بالنتيجة التي أعلنها المجلس الوطني الانتخابي المتعلقة بالانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 يوليو. وقد أكدت الوثائق العلنية الآن أن حكومة الولايات المتحدة الامريكية، من خلال وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية، ومن بين جهات أخري، تدخلت قبل وأثناء وبعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في فنزويلا 28 يوليو 2024، حتى أثناء انشاء وتمويل مشروع موازٍ لجدولة الاصوات. كان الهدف من هذا المشروع هو استبدال المجلس الانتخابي الوطني في فنزويلا بالكامل. هذا المشروع ممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأكثر من 50.000.000,00دولار أمريكي، وفقًا لما أكدته مصادر عامة، كان بمثابة رأس حربة لحملة التضليل الحالية حول حقيقة الانتخابات الرئاسية الفنزويلية. وكانت قد أعلنت عن مجموعة من النتائج الموازية للانتخابات المعنية، قبل صدور النشرة الرسمية للمجلس الانتخابي الوطني، مستغلة الهجوم الالكتروني الهائل الذي كان يُشَن في تلك اللحظة ضد النظام الانتخابي. وهذا، كما لا داعي للقول، جزء من خطة واضحة تهدف إلى تغيير النظام. تتمتع جمهورية فنزويلا البوليفارية بمؤسسات وأطر قانونية قوية تسمح بالتسوية السلمية بين الفنزويليين ودون تدخل من أي نوع في شؤونهم الداخلية، بما في ذلك تلك التي قد تنشأ عن النزاعات في المضمار الانتخابي. يجب احترام هذه المؤسسات، ولا سيما المجلس الوطني الانتخابي ومحكمة العدل العليا، وكذلك جميع السلطات الأخرى المنشأة دستوريًا والسلطات المنتخبة ديمقراطيًا، ويجب السماح لها بالقيام بواجباتها ومسؤولياتها، دون تهديدات أو إكراه أو ابتزاز خارجي من أي نوع. ومن الواضح أن التصرف بخلاف ذلك يتعارض مع القانون الدولي وسيشكل أيضاً تهديدًا للسلام والأمن والاستقرار الوطني في فنزويلا. إن” الوضع في جمهورية فنزويلا البوليفارية“ ليس مدرجا في جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولا ينتمي بأي حال من الأحوال إلى جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لأنه لايشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. ولا داعي لأن يتدخل مجلس الأمن في الشؤون الداخلية لجمهورية فنزويلا البوليفارية و/أو أن يصرف انتباهه عن مسائل أخرى تشكل تهديداً حقيقياً للسلم والأمن الدوليين، مثل الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فهناك معايير مزدوجة اليوم ، حالة العنف في جمهورية الإكوادور خطيرة ومقلقة حقًا. على سبيل المثال، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كان هناك 4.859 جريمة قتل في الإكوادور عام 2022، بينما وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية ومصادر عامة أخرى، كان المعدل المعني 40-45 لكل 100,000 نسمة. هكذا تجري الأمور الآن، الإكوادور تُعد اليوم واحدة من البلاد التي تشهد أعلى معدلات للعنف في منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، فتخضع الكثير من المناطق في جميع أنحاء البلاد لحظر تجول إجباري بسبب مستويات الجريمة والعنف المهولة”. وأيضًا، حدثت زيادة هائلة في أعمال العنف السياسية في الشهور الأخيرة، مع اغتيال قادة سياسيين، بما فيهم مرشحين سياسيين، ورؤساء البلديات وغيرهم من القادة السياسيين. و مجلس الأمن، أقل ما يمكن قوله، لم يجتمع قط – بأي شكل من الأشكال – لمعالجة هذا الواقع الذي يؤثر اليوم على نفس البلد (الأكوادور) كما يسعى اليوم إلى طرح ما يسمى” الوضع في فنزويلا” داخل الهيئة، بغرض تحقيق المخططات التي دبرتها الحكومة الأمريكية وأتباعها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، كما حدث في عام 2019 مع “مشروع جوايدو” الفاشل. لذلك ينبغي أن تنظر إكوادور في وضعها الداخلي، بدلاً من التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى مستقلة وذات سيادة.