منطقة المزيونة الحُرَّة بسلطنة عُمان تمتلك مقومات جاذبة للاستثمارات الأجنبيَّة
كتبت: فاطمة بدوى
يُعَدُّ القِطاع اللوجستي من القِطاعات الواعدة الَّتي تعوِّل عَلَيْها سلطنة عُمان في توَجُّهها نَحْوَ تحقيق التَّنويع الاقتصادي المأمول، حيث تمتلك موقعًا جغرافيًّا فريدًا في قلْبِ الحركة التجاريَّة العالَميَّة، عَبْرَ شبكة موانئ تربط التجارة العالَميَّة شرقًا وغربًا. وحرصت السَّلطنة على أنْ تربطَ تلك الموانئ الواعدة بمجموعةٍ من المُدُن الصناعيَّة والمناطق الحُرَّة، الَّتي تعتبر وسيلة اقتصاديَّة جاذبة للاستثمارات الأجنبيَّة وتحفيز الاستثمارات المحليَّة، بجانب ما تقومُ به تلك المناطق الحُرَّة من مساعدة على النَّفاذ إلى الأسواق وتسهيل عمليَّات انسياب السِّلع والخدمات بَيْنَ سلطنة عُمان ومحيطها الجغرافي، حيث تُزاوِل تلك المناطق عمليَّات مُتعدِّدة من تخزين وتوزيع وأنشطة صناعيَّة وأنشطة خدميَّة ولوجستيَّة، تُسهمُ في الإقبال على موانئ البلاد.وتُعَبِّر المنطقة الحُرَّة بالمزيونة إحدى المناطق الحُرَّة التَّابعة للهيئةِ العامَّة للمناطق الاقتصاديَّة الخاصَّة والمناطق الحُرَّة ويتمُّ إدارتها وتشغيلها من قِبَلِ المؤسَّسة العامَّة للمناطق الصناعيَّة «مدائن»، عن هذا التَّوَجُّه العُماني، الَّذي يسعَى إلى إقامة روابط مُتعدِّدة تستفيد من الموقع الجغرافي للبلاد؛ كونها بوَّابةً للنِّصف الجنوبي للكرة الأرضيَّة، و(المزيونة) هي أوَّل منطقة حُرَّة من نَوْعها في سلطنة عُمان وتقع في أقصى الجنوب الغربي على الحدود البَرِّيَّة مع الجمهوريَّة اليمنيَّة الشَّقيقة، وتبلغ مساحتها (15) مليون متر مُربَّع، أُنشئت بهدف زيادة التَّبادل التجاري بَيْنَ سلطنة عُمان والجمهوريَّة اليمنيَّة، ما يجعلها بوَّابة خليجيَّة رئيسة لتجارة «الترانزيت» إلى اليمن ومِنْها إلى دوَل شرق إفريقيا.وانطلاقًا من دَوْرها وأهميَّتها، حقَّقت (المزيونة) نجاحًا كبيرًا على هذا الصَّعيد، وتمكَّنت منذُ إنشائها من استقطاب استثمارات بشكلٍ مُطَّرد، ولعلَّ لُغةَ الأرقام لا تكذب حيث استطاعت جذْبَ استثمارات بقِيمةٍ تجاوزت خمسة ملايين ريال عُماني في النِّصف الأوَّل من العام الجاري لِيصلَ حجمُ الاستثمار الإجمالي بالمنطقة إلى (140) مليون ريال عُماني مع وجود (185) عَقْدَ إيجارٍ في مختلف القِطاعات، مِنْها (102) مشروع في مرحلة التَّشغيل، وتسعَى المنطقة إلى جذْبِ استثماراتٍ في القِطاع الصناعي؛ بهدف إيجاد استدامة للحركةِ الاستثماريَّة في المنطقة، وهو ما يجعل مِنْها منطلقًا للحركةِ التجاريَّة العالَميَّة، حيث تتميَّز المنطقة عن باقي المناطق الحُرَّة بوجود ميناء بَرِّي معتمد تتمُّ به جميع العمليَّات الخاصَّة بالموانئ كالمناولة والتَّصدير والاستيراد، حيث تمَّ خلال النِّصف الأوَّل من عام 2024م استقبال البضائع في المنطقة بإجمالي أوزان بلغ أكثر من (100) ألف طن، كما شهدت الحركة التجاريَّة وانتقال البضائع عَبْرَ المنطقة الحُرَّة بالمزيونة ارتفاعًا من (33) ألفَ طنٍّ في عام 2014م إلى (220) ألفَ طنٍّ بنهاية عام 2023م.ويعُودُ هذا النَّجاح الكبير والمُطَّرد الَّذي حقَّقته المنطقة إلى ما تتمتَّع به من حوافز ومزايا مُتعدِّدة؛ تشمل إعفاء الأرباح من ضريبة الدَّخل مدَة (30) عامًا وعدم الحاجة لتقديمِ إقرارات الدَّخل، وتوفير وتداول وتحويل العملات الأجنبيَّة بسهولة والإعفاء من قانون الوكالات التجاريَّة والرسوم الجمركيَّة، والسَّماح باستيراد كافَّة البضائع المسموح بتداولها في سلطنة عُمان وإمكان تملُّك المستثمر (100) بالمئة من رأسمال المشروع، وتخفيض نسبة التعمين إلى (20) بالمئة بدلًا من (30) بالمئة، واعتماد البيانات الجمركيَّة اليمنيَّة للبضائع الواردة مِنْها، وإصدار شهادات المنشأ، كما تمنح المصانع العاملة بها شهادة منشأ وطنيَّة، وتسهيل منح الإقامة والتَّأشيرات للمستثمرِين غير العُمانيِّين، والسَّماح بإنشاء مكتب تمثيلي داخل الإقليم الجمركي العُماني، وتنوُّع السِّلع والمنتجات العُمانيَّة واليمنيَّة بأسعار مناسبة من خلال سُوق واحد مشترك، إضافةً إلى السَّماح للقوى العاملة اليمنيَّة بالعمل في المنطقة دُونَ الحاجة إلى تأشيرة عمل أو تأشيرة دخول إلى المنطقة، ما يُحقِّق الأهداف المنشودة، ويرفع الاستفادة بالنِّسبة للاقتصاد الوطني.