حسن بيومي يكتب.. رمضان هذا العام.. لدينا «كرسي فاضي»

في زوايا بيتنا الصامت، حيث الأصوات تتلاشى لتحل محلها ذكريات الأمس، يقف كرسي خالٍ يحمل في طياته قصصًا لم تعد تُروى. كان هذا الكرسي ملجأ أبي، حيث كان يجلس كل مساء رمضاني، يتابع الأخبار ويتلو القرآن، ويشاركنا حكاياته التي لا تنتهي.
لكن رمضان هذا العام يختلف. الكرسي لا يزال في مكانه، لكن صاحب القصص والضحكات قد رحل.
البيت الذي كان يملؤه صدى ضحكاته، أصبح الآن يصدح بصمت مؤلم، الجدران التي كانت تشهد على تجمعنا حول مائدة الإفطار، تبدو الآن كأنها تبكي غيابه.
مع كل أذان المغرب، نشعر بفراغ يعتصر قلوبنا، فراغ لا يملؤه الطعام ولا الشراب، نجلس حول المائدة، وكل منا يسرق نظرة إلى الكرسي الفارغ، كأننا ننتظر أن يعود أبي ليملأه مرة أخرى. لكن الحقيقة القاسية تبقى، فالكرسي سيظل فارغًا.
رمضان هذا العام يعلمنا درسًا قاسيًا عن الفقد والحنين. يعلمنا أن الحياة تستمر، حتى وإن كانت القلوب حزينة والأرواح مثقلة بالذكريات، يعلمنا أن نقدر اللحظات التي نعيشها مع أحبائنا، فلا أحد يعلم متى قد تكون اللحظة الأخيرة.
في هذا الرمضان، نتعلم كيف نحتفظ بذكرى أبي حية في قلوبنا، وكيف نجد السلوى في الذكريات الجميلة التي تركها وراءه.
نتعلم أن نملأ الفراغ بالدعاء والأمل، وأن نبتسم لأجله، فهو لم يحب أبدًا أن يرانا حزينين.
رمضان هذا العام يخبرنا أن الكرسي قد يكون فارغًا، لكن قلوبنا مليئة بالحب والذكريات التي لا تموت. وفي كل ليلة، نرفع أكف الضراعة إلى السماء، ندعو لأبي بالرحمة والمغفرة، ونتمنى أن يكون في مكان أفضل، حيث لا حزن ولا ألم، مكان مليئ بالسلام ونحن نحمل إليه كل السلام، فسلام على روحك يا أبي، ومنك السلام.
